وأبو عبد الله أحمد بن أبي دُواد لا يفارقك الشِّرْكة في المشورة في كل أمرك، فإنه موضعُ ذلك، ولا تتّخذنَّ وزيرًا، فلما ولي المعتصم، جعل ابن أبي دُواد قاضيَ القضاة مكان يحيى بن أكثم، وكان لا يفعل فِعلًا باطِنًا ولا ظاهرًا إلا برأيه. . . ولما مات المعتصم وتولى بعده ولده الواثق بالله حسنت حال ابن أبي دُواد، وما زال إلى أن ولِيَ أخوه المتوكل، فأصيب ابن أبي دُواد بالفالج فكانت مدة عظمة ابن أبي دُواد ونفوذه وجاهه نحوًا من ثمانٍ وعشرين سنة. . . قال ابن خِلّكان - الذي نعتمد عليه في هذا الباب -: وكان ابن أبي دُواد كثيرًا ما يُنشد - ولم يذكر أنهما له أو لغيره -:
ما أنْتَ بالسَّببِ الضَّعيفِ وإنّما ... نُجْحُ الأمورِ بقُوَّةِ الأسْبابِ
فاليومَ حاجَتُنا إليكَ وإنّما ... يُدْعَى الطَّبيبُ لِشِدَّةِ الأوْصابِ
ومن كلامه: ثلاثةٌ ينبغي أن يُبجَّلوا وتُعرفَ أقدارُهم: العلماءُ، وولاةُ العدل، والإخوانُ، فمن استخفَّ بالعلماء أهلكَ دينَه، ومن استخفَّ بالولاةِ أهلكَ دُنياه، ومن استخفَّ بالإخوانِ أهلك مروءتَه، ومن كلامه أيضًا: ليس بكاملٍ مَنْ لم يحمل وليَّه على منبرٍ ولو أنّه حارسٌ، وعدوَّه على جِذْعٍ ولو أنّه وزير