101

Desire for Clarification to Summarize the Key in the Sciences of Rhetoric

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

Daabacaha

مكتبة الآداب

Lambarka Daabacaadda

السابعة عشر

Noocyada

أغراض توكيد المسند إليه: وأما توكيده: فللتقرير، كما سيأتي في باب تقديم الفعل وتأخيره١. أو لدفع توهم التجوز أو السهو٢ كقولك: "عرفت أنا، وعرفت أنت، وعرف زيد زيد"، أو عدم الشمول، كقولك: "عرفني الرجلان كلاهما، أو الرجال كلهم"٣. قال السكاكي٤: ومنه "كل رجل عارف، وكل إنسان حيوان". وفيه نظر؛ لأن كلمة "كل" تارة تقع تأسيسا، وذلك إذا أفادت الشمول من أصله حتى لولا مكانها لما عُقل، وتارة تقع تأكيدا، وذلك إذا لم تفده من أصله، بل تمنع أن يكون اللفظ المقتضى له مستعملا في غيره. أما الأول فهو أن تكون مضافة إلى نكرة٥؛ كقوله تعالى: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٣] وقوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾ [الإسراء: ١٢] وقوله: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦] . وأما الثاني فما عدا ذلك؛ كقوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ﴾ [الحجر: ٣٠] . وهي في قوله: "كل رجل عارف، وكل إنسان حيوان" من الأول لا الثاني؛ لأنها لو حذفت منهما لم يفهم الشمول أصلا.

١ كقولك: "هو يعطي الجزيل" فهو يفيد من تقوية الحكم ما لا يفيده قولك: "يعطي زيد الجزيل" لتكرار الإسناد في الأول. ولا يخفى أن هذا ليس من توكيد المسند إليه، فلا معنى لذكره هنا. ٢ بأن يكون في الكلام أو المقام ما يوهم ذلك، فيؤتى بالتوكيد لدفعه، وبهذا يمتاز نظر علم المعاني عن نظر علم النحو إلى التوكيد، وهذا كما في قولك: "قطع الأمير نفسُهُ السارق" فإنه لو قيل: "قطع الأمير السارق" لتوهم أن القاطع غيره بأمره على ما جرت به العادة في ذلك، أما النحو فيجوز فيه أن يقال: "قطع الأمير نفسه السارق، وقطع الأمير السارق" بلا نظر إلى هذه الاعتبارات، وعلى هذا ورد التوكيد في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى﴾ [طه: ٥٦] وقوله: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٣٠، ٣١] . ففي هذا إشارة إلى فظاعة تكذيب فرعون واستكبار إبليس اللعين. ٣ فإنه قبل التأكيد يحتمل أن أحد الرجلين أو بعض الرجال لم يجئ، ولكنه لم يعتد به، فأُطلق الكل وأُريد البعض على سبيل المجاز. ٤ المفتاح ص١٠١. ٥ كذلك المضافة إلى معرفة، كقوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [آل عمران: ٩٣] .

1 / 103