84

Defense of the Sunnah and Reply to Orientalists' Suspicions

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث

Daabacaha

مجمع البحوث الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

والباحث المُتَثَبِّتُ والناقد البصير لا ينكر أنَّ الكثير من الإسرائيليات دخلت في الإسلام عن طريق أهل الكتاب الذين أسلموا، وأنهم نقلوها بحسن نِيَّةٍ، وكذلك لا ينكر أثرها السيئ في كتب العلوم وأفكار العوام من المسلمين، وما جرته على الإسلام من طعون أعدائه ظنًا منهم أنها منه والإسلام منها براء، ولكن الذي لا يسلم به الباحث أنْ يكون كعب ووهب وأضرابهما مِمَّنْ أسلموا وَحَسُنَ إسلامهم كان غرضهم الدَسَّ والاختلاق والإفساد في الدين، ولقد كان من لطف الله بالأمَّة الإسلامية أنَّ هذه الإسرائيليات إنما كانت في قصص الأنبياء والأمم السابقة، وأحوال البدء والمعاد وأسرار الخليقة، إلى غير ذلك مِمَّا لا يتعلق بالحلال والحرام والعقائد إِلاَّ بعضًا منها مِمَّا ينافي عصمة الأنبياء فإنه يدرك كذبه وبطلانه بادئ الرأي. وابن خلدون لما عرض في " مقدمته " لما دخل في التفسير بالمأثور من الإسرائيليات لم يرم مسلمة أهل الكتاب بِالدَسِّ والوضع - كما صنع المؤلف - وإنما جعلهم مصدرًا لنقل هذه الإسرائيليات إلى العرب، وهذا شأن الباحث المُنْصِف لا الطاعن المتحامل (١). نقد المُحَدِّثِينَ للإسرائيليات: ولقد كان لجهابذة الحديث ونقاده جهاد مشكور في الكشف عن هذه الإسرائيليات وتمييز صحيحها من باطلها، وَغَثِّهَا من ثمينها، وما من رواية من روايات كعب وغيره إِلاَّ ونقدوها نقدًا علميًا نزيهًا، ولولا هذا الجهاد الرائع من علماء المسلمين لكانت طامَّة على الإسلام والمسلمين، ولقد بلغ من تَحَوُّطِ أئمة الحديث البالغ الغاية أنهم قالوا: أنَّ قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه إنما يكون له حكم الرفع إذا لم يكن معروفا بالأخذ عن علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، فأما إذا كان معروفا بالأخذ عنهم

(١) " مقدمة ابن خلدون ": ص ٣٦٨.

1 / 83