168

Defense of the Sunnah and Reply to Orientalists' Suspicions

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث

Daabacaha

مجمع البحوث الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

لَنَا ذَلِكَ مَوْصُولًا مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، فَعِنْدَ [أَبِي يَعْلَى] مِنْ حَدِيث جَابِر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور " قَيْحًا أَوْ دَمًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ " وَفِي سَنَده رَاوٍ لاَ يُعْرَف، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْن عَدِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ اِبْن الكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مِثْل حَدِيث البَاب قَالَ: " فَقَالَتْ عَائِشَة لَمْ يَحْفَظ إِنَّمَا قَالَ: مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا هُجِيت بِهِ "، وَابْنُ الْكَلْبِيِّ وَاهِي الحَدِيث، وَأَبُو صَالِح شَيْخُهُ مَا هُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ السَّمَّانُ المُتَّفَق عَلَى تَخْرِيجِ حَدِيثهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بَلْ هَذَا آخَر ضَعِيفٌ يُقَال لَهُ بَاذَانْ، فَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ [الزِّيَادَة]: وأما من جهة الدراية فإليك ما قاله الإمام النووي في " شرح مسلم " (١): «قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهَذَا الشِّعْرِ شِعْرٌ هُجِيَ بِهِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً: هَذَا تَفْسِيرٌ فَاسِدٌ، لأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ المَذْمُومَ مِنَ الهِجَاءِ أَنْ يَمْتَلِئَ مِنْهُ دُونَ قَلِيلِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الكَلِمَةَ الواحدة من هجاء النبي ﷺ مُوجِبَةٌ لِلْكُفْرِ. قَالُوا بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ المُرَادَ أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ غَالِبًا عَلَيْهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنِ القُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْمُومٌ مِنْ أَيِّ شِعْرٍ كَانَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ القُرْآنُ وَالحَدِيثُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ الغَالِبُ عَلَيْهِ فَلاَ يَضُرُّ حِفْظُ اليَسِيرِ مِنَ الشِّعْرِ [مَعَ هَذَا] لأَنَّ جَوْفَهُ لَيْسَ مُمْتَلِئًا شِعْرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ..» إلى أن قال: «وَقَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً: هُوَ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ، [قَالُوا]: وَهُوَ كَلاَمٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الأَسْفَارِ وَغَيْرِهَا وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلاَءُ السَّلَفِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلاَقِهِ وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا المَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الفُحْشُ وَنَحْوُهُ». وهكذا يَتَبَيَّن لنا أن المذموم من الشعر أن يكون غالبا على الإنسان حتى يشغله عن النافع من العلوم والمعارف وأنواع الكسب المشروعة، أو ما كان فيه فحش وهجر من القول كالهجاء والمدح بغير حق والتشبيب

(١) ١٥/ ١٤.

1 / 167