Defense of the Sunnah and Reply to Orientalists' Suspicions
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث
Daabacaha
مجمع البحوث الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
فتواه بهذا فليس فيه ما يخل بعدالة أبي هريرة، ولا ما يطعن في أمانته إذ كل ما فيه أنه كان يفتي على حسب ما علم، وهو ما رواه له الفضل عن النَّبِي ﷺ والظاهر أن هذا الحُكْمَ كان في مبدأ الإسلام فقد كان الرجل إذا صلى العشاء أو نام حرم عليه الأكل والشرب والجماع حتى يصبح، ثم اقتضت رحمة الله التخفيف على الأُمَّةِ بإحلال الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر بقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ...﴾ (١). الآية، وإليك ما قاله العلماء وَالمُحَقِّقُونَ المُتَثَبِّتُونَ، قال الحافظ في " الفتح " (٢): «وَذَكَرَ اِبْن خُزَيْمَةَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاء تَوَهَّمَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة غَلِطَ فِي هَذَا الحَدِيث ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَغْلَطْ بَلْ أَحَالَ عَلَى رِوَايَة صَادِقٍ، إِلاَّ أَنَّ الْخَبَر مَنْسُوخ، لأَنَّ اللَّه تَعَالَى عِنْد اِبْتِدَاء فَرْضِ الصِّيَام كَانَ مَنَعَ فِي لَيْل الصَّوْم مِنْ الأَكْل وَالشُّرْب وَالجِمَاع بَعْد النَّوْم، قَالَ: فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون خَبَر الفَضْل كَانَ حِينَئِذٍ ثُمَّ أَبَاحَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَانَ لِلْمُجَامِعِ أَنْ يَسْتَمِرَّ إِلَى طُلُوعِهِ فَيَلْزَمَ أَنْ يَقَعَ اِغْتِسَالهُ بَعْد طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ الْفَضْلِ وَلَمْ يَبْلُغْ الفَضْلَ وَلاَ أَبَا هُرَيْرَة النَّاسِخُ فَاسْتَمَرَّ أَبُو هُرَيْرَة عَلَى الْفُتْيَا بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْد ذَلِكَ لَمَّا بَلَغَهُ ... وَإِلَى دَعْوَى النَّسْخ [فِيهِ] ذَهَبَ اِبْن الْمُنْذِرِ وَالخَطَّابِيُّ وَغَيْر وَاحِد» فأبو هريرة كان يفتي حتى علم الناسخ فرجع عنه، وتلك - لعمر الحق - فضيلة، قال الحافظ في " الفتح ": وَفِيهِ [فَضِيلَة] لأَبِي هُرَيْرَة لاعْتِرَافِهِ بِالْحَقِّ وَرُجُوعه إِلَيْهِ. وَفِيهِ اِسْتِعْمَال السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الإِرْسَال عَنْ الْعُدُول مِنْ غَيْر نَكِير بَيْنهمْ لأَنَّ أَبَا هُرَيْرَة اِعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَع هَذَا الْحَدِيث مِنْ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ بِلاَ وَاسِطَة وَإِنَّمَا بَيْنهَا لِمَا وَقَعَ مِنْ الاِخْتِلاَف». فانظر يا أخي كيف جعل الطاعنون الفضيلة رذيلة.
(١) [سورة البقرة، الآية: ١٨٧]. (٢) ٢/ ١١٩.
1 / 133