Defense of the Sunnah and Refuting the Orientalists' Misconceptions
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
Daabacaha
مكتبة السنة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٩٨٩ م
Noocyada
عن السيدة عائشة في " الصحيحين " وغيرهما - وهو من الأحاديث الطويلة - لا تكاد تجد الرُواة اختلفوا فيه إِلاَّ في بعض ألفاظ قليلة نادرة، وبحسبنا هذا الآن، وعند مناقشته في بحث الرواية بالمعنى الذي عقده في كتابه سأفيض في الرَدِّ عليه، وسأبيِّن أنَّ بعض ما استدل به هو دليل عليه لا له، وإليك ما قال في هذا الشأن إمام من أئمة الحديث - غير مدافع - وهو الحافظ ابن حجر قال: «ومن أمثلة جوامع الكلم من الأحاديث النبوية حديث عائشة «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ»، وحديث: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» متفق عليهما، وحديث أبي هريرة: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وحديث المقداد: «مَا مَلأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ» الحديث أخرجه الأربعة وَصَحَّحَهُ ابن حِبَّان والحاكم، إلى غير ذلك مِمَّا (يكثر) بالتتبع، وإنما يسلم ذلك فيما لم تتصرف الرُواة في ألفاظه، والطريق إلى معرفة ذلك أنْ تقل مخارج الحديث وتتفق ألفاظه (١).
وأزيد على ما ذكره الحافظ حديث: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيْدِهِ».
وحديث: «النَّاسُ كَإِبِلٍ لاَ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».
وحديث: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».
وحديث: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ» ... إلخ.
وحديث: «وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».
وحديث: «إِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ».
وحديث «الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ».
إلى غير ذلك من الأحاديث المتكاثرة التي جاءت على حقيقة لفظها ومحكم تركيبها.
أما ما ادَّعاه من أنه تبيَّن له أنَّ ما سَمَّوْهُ صحيحًا إنما هو في نظر رُواته لا أنه صحيح في ذاته، فشيءٌ سبق به من ألف سَنَةٍ أو تزيد، فقد قال أئمة الحديث: إنَّ الحُكْم على الحديث بالصحة أو الحُسن أو الضعف إنما هو بحسب ما ظهر للمُحَدِّثِ من تحقق شروط الصحة أو الحسن أو عدم تحققها، وليس المراد أنه صحيح أو حسن أو ضعيف في الواقع ونفس الأمر، إذ لا يعلم ذلك يقينًا إِلاَّ علامُ الغيوب، وأنه يجوز - عقلًا - أنْ يكذب الصادق ويصدق الكذوب، وهذا التجويز العقلي دعاهم إليه التعمُق في البحث والتأنِّي في النظر والثبت في الحُكْم وبلوغ الغاية في النَّصَفَةِ.
_________
(١) " فتح الباري ": ١٣/ ٢١١.
1 / 47