وبه يُعلم فساد ما ذهب إليه السنوسي (^١) ومن وافقه -كالصاوي (^٢) -؛ مِنْ عَدِّ التمسك بظواهر الأدلة النقلية من أصول الكُفر، حيث قال الصَّاوي: (وأصول الكفر والبدعة سبعة. . التَّمسُّك في عقائد الإيمان بمجرد ظواهر الكتاب والسنة، من غير عرضها على البراهين العقلية، والقواطع الشرعية) (^٣)
وعلة الوقوع في هذه الفاقرة هو اعتقادُهم أَنَّ ظواهرَ النُّصوص قد تدل على ما لا يليق نسبته إلى الشَّرع بحسب ما اعتقدوه، لا بحسب الواقع. وهذا الاعتقاد هو أَصل أَهل الكفر، وقد عُلِمَ فَسادُه بالضرورة؛ فإن الله أنزل وحيه بيانًا للخلق، وهدايةً.
وبعد الإبانة عن النظرة النَّكِدَة عند المخالفين للعلاقة بين العقلِ وظواهر النصوص = فإن من المتحتم الكشف عن حقيقة العلاقة الاتساقيّة التوافقية بين دلالة العقل وبين هذه الظواهر.
فيقال: الظاهر إذا أُطلق فإنه يُقْصَدُ به: ما يسبق إلى العقل الفطري لمن يفهم بتلك اللُّغة المخاطب بها. ثم هذا الظهور قد يكون بمجرد الوَضْعِ، وقد يكون بسياق الكلام والقرائن المحتفَّة به (^٤) .
فلا يمكن بحالٍ أن يكون النّصُّ الشرعي غُفْلًا عما يُبينُ عن مراد المتكلِّم به؛ فإنّ هذا ممتنع على من قَصَد بِشَرْعِهِ أن يكون هدايةً للخلق