لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) (^١)
وعن جابر بن عبدالله ﵁ قال: سمعت النبي ﷺ قال: (إنّ بين الرُّجل وبين الشِّرك والكُفر ترك الصلاة) (^٢)
وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال رسول الله ﷺ: (إذا أسلم المرء فحسن إسلامه، يكفر الله عنه كلَّ سيئةٍ كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص: الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف، والسيئة بمثلها إلَاّ أن يتجاوز الله عنه) (^٣)
وعن عبدالله بن عمر ﵁ أَنَّ رسول الله ﷺ مرَّ على رجُلٍ من الأَنصار، وهو يَعِظُ أَخاه في الحياء، فقال رسول الله ﷺ: (دعه فإنَّ الحياء من الإيمان) متفق عليه (^٤) .
* * *
تمهيد:
أَبانتِ الأَحاديثُ السالفةُ عن الحقيقةِ الشَّرعيَّةِ للإيمان، وأنّها حقيقةٌ مركَّبةٌ من قولٍ وعملٍ، والمراد بالقول قولُ القلبِ وهو تصديقه الجازم، وقولُ اللّسان، والمُراد بالعمَلِ عمل القلب والجوارح (^٥)،هذه الحقيقة جامعةٌ لِشُعَبٍ تقبل التفاوت، والزيادة والنقص، وعلى ذلك جرت أَقاويلُ أَهلِ السُّنَّةِ، وانعقد إجماعهم، وفي تقرير ذلك يقول الإمام البخاريُّ ﵀: (لَقيتُ أَكثر من أَلفِ رَجُلٍ مِن أَهل العلم: أَهلِ الحجاز ومكّةَ، والمدينةِ، والكوفة، والبصْرةِ، وواسط، وبغداد، والشَّامِ، ومِصْرَ، لقيتُهم كرَّاتٍ قرنًا