Dowladda Haweenka ee Boqortooyada Dumarka
دولة سيدات في مملكة نساء
Noocyada
فقالت الملكة متضرعة: أماه كيف يمكن السمكة أن تعيش في الوحل إذا نضب الماء؟ وكيف يعيش العصفور في إناء لا ينفذ إليه الهواء؟ وكيف يهتدي الجدي إلى أمه إذا انحجب عنه الضياء؟ وكيف يحيا الحي إذا انقطع عنه الغذاء والضياء والهواء والماء؟ يا أماه، أحين أبلغ إلى قمة جبل الغرام أتزحلق إلى وادي الفراق؟ لا أطيق يا أماه، يجب أن أتبعه على الأثر. - حاذري أن تفارقي العرش في إبان هذه الأزمة الدولية الهيكلية؛ لئلا تقعي فريسة للمكيدة. - أف، أف، ليت هذا العرش لم يكن، ولا كانت متاعبه ومصائبه ... آه ... ما أسعد الراعية في جاريجاريا، وحبيبها يعزف لها على قيثارته! وما أسعد الفلاحة في قورنثية وهي تشد بحبل رفش حبيبها! وما أسعد الحاصدة في كبدوكية وحبيبها يعرقل منجلها بمنجله مداعبا! كرهت العرش يا أماه. - أشفق عليك، حاذري التفريط بالعرش يا بنتي؛ لأن حياتك مقترنة ببقائه. ولدت ذات عرش ولم تولدي فلاحة ولا راعية. كوني حازمة لئلا تضيعي الملك والعرش والحبيب والحياة جميعا. استدعي أفريدوس وأبلغيه تعليماتك.
وخرجت الوالدة لا تلوي، وبقيت الملكة تناجي نفسها: وا ويلتاه! كيف أستطيع فراق ذلك البدر الساطع؟ هل تستطيع عيناي الغمض وهو بعيد عني؟ كل يوم أقضيه إلى جنبه يزيد غرامي به. كذب الشعراء الذين يقولون: «دوام الوصال يورث الملال.» لعلهم لم يذوقوا طعم الحب، فكيف يبدعون التشبيب والغزل والنسيب؟ آه! ولكن لا بد من إبعاده ريثما يمر زمن الإنذار بالويل، فيا قلب تحمل الفراق على أمل اللقاء.
ثم فتحت الباب ونادت أفريدوس.
ودخل أفريدوس فإذا هو أفروديت إلهة الجمال، لا يمكن أن تظنه شابا؛ لأنه أتقن زي الحسناء من كل وجهة، فتلقته الملكة باشة متهللة، وأخذت بيده وطوقت خصره بذراعها وتمشيا معا، وهي تقول: إلى ينبوع السرور، وهو يقول لها: لبيك يا بحر البهجة والحبور.
فقالت: أليس البحر متجمعا من الينابيع، فكيف لا يتعاظم ويتدفق على مرور الزمن كأنه لا ترويه الينابيع؟! - الينبوع يا عزيزتي سلسال قطرات صغيرة تتلاشى في البحر الخضم، فلا تزيده مقدارا.
فقالت بعد صمت هنيهة وتأمل وتفكير في ما هي فيه من بلبال: أفريدوس، من أين تأتي مياه الينابيع؟ - إنها قطرات المطر تتغلغل في الأرض، ثم تتفجر من منافذها. - ومن أين يأتي المطر؟ - من فيض الآلهة. - أي الآلهة؟ - مطر السرور من فيض كيوبد إله الحب، أتنكر أن الحب مصدر كل سرور وسعادة؟ - لا أنكر. - إذن فلماذا لا تبنين هيكلا لكيوبد؟
فأجابت بدلال وابتسام ساطع: بنيت. - أحقيقي؟ أين؟
فأشارت إلى قلبها، وقالت: هنا، بنيت هيكلا واحدا لمتعبد واحد.
فقال أفريدوس متدللا أيضا: كيوبد إله جميع البشر، فكيف تحصرين عبادته في هيكل واحد لمتعبد واحد؟ - أتريد هيكلا يشترك بالعبادة فيه كل الناس؟ - كذا تكون الهياكل، يجب أن تبني هيكلا لكيوبد في بنطس يقصد إليه كل الناس. - أن تعلم أن لا محل له في بنطس، ولا سلطة لي في غيرها. - حيثما تبنين هيكلا لكيوبد تنقاد السلطة إليك صاغرة. - تغضب أمتي. - غضب كاذب. - كيف يكون كاذبا وهو يزعزع عرشي؟! - بل يثبت عرشك؛ لأني أعلم عباد كيوبد في بنطس أشد حرارة وغراما من عباده في أي مكان آخر. - لو بني هيكل هنا لهدمنه في دقيقة وجعلن مكانه قاعا صفصفا.
فقهقه أفريدوس قائلا: ليتك تمتحنين الأمر؛ فترينهن يترامين إليه ترامي الفراش على المصباح. - يرمينني منه بسهام مسمومة. - يرمينك بأغصان الورد امتنانا وشكرا. - هذه مجازفة يا أفريدوس، لا أجسر أن أقدم عليها. - ليس في الأمر مجازفة، يبنى الهيكل في الحدود قرب قصر الصيد الذي اجتمعنا فيه لأول مرة من غير أن يعلم من بناه، وحينئذ ترين الأمازونيات يتهالكن في التردد إليه خلسة وبعد حين جهارا. وفي زمن غير طويل يتلاشى العداء الذي حدث بين دولتي بنطس وجاريجاريا بسبب الدسائس، وثم يتواتر القران بين الأمازونيات والجاريجاريين. وأخيرا يتحول الخصام الكاذب بين الأمتين إلى ولاء صادق. وثمت يتسنى ضم العرشين في عرش واحد تتبوئينه أنت. - وي. وي. وي. لقد شططت كثيرا يا أفريدوس، تزين لي حلما لا أتصور تحقيقه حتى ولا في السماء السابعة، فكيف يمكن ذلك؟
Bog aan la aqoon