فلما تحقق عند العشائر موت الإمام -عليه السلام- انتقض أكثرهم بعد أن بايع وسمع وأطاع، وأظهروا الخلاف، وكان أشدهم في ذلك بنو بجير أهل شوابة وشيخهم عيسى بن ذعفان، فأجمع معهم سلاطين الجوف آل دعام وسائر سفيان وذبيان، وعمدوا إلى مزارع الإمام -عليه السلام- بغيل شوابة فأخربوها، وقطعوا أشجارها، وأخربوا مساكنها. فنزل الأمراء من ظفار المحروس الأمير أسد الدين الحسن بن حمزة، والأمير المتوكل على الله أحمد بن الإمام -عليه السلام- والأمير صفي الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم، فلما كانوا بالغيل أجمع أهل تلك الجهات في أكمة يقال لها كامة فوق الغيل، ووقع القتال فطلعت الخيل عليهم تلك الأكمة، فقتل منهم عشرون رجلا، وربط مثلهم، وانتهت الخيل إلى نصف الجبل وراحوا على شر قضية بحمد الله تعالى.
وكان اليوم الثاني ووصل الأمير ذو الشرفين يحيى بن حمزة إلى ظفار أيضا لقبض البيعة على من بقي من سائر الشرف والعشائر، للأمير الناصر لدين الله وافتقاد الأحوال، فنزل أيضا شوابة ونزل معه أيضا الأمراء، من كان نزل بالأمس من الأشراف فلم يبد لهم أحد إلى آخر النهار، فطلعت خيل الجوف إلى موضع يقال له الجفجفا(1) فطردتها أفراس من الشرف، وربطوا من فرسان أهل الجوف جماعة وأخذوا خيولهم ودروعهم، وأمسى الأمراء تلك الليلة بشوابة وانصرفوا من الغد إلى ظفار المحروس، ووصل أهل شوابة يطلبون الأمان مدة من الزمان فأجيبوا إلى ذلك، وطلع السلاطين أهل درب ظالم إلى أبي حماد فرجعوا عما كانوا عليه ودخلوا في الطاعة.
Bogga 169