وفي سنة تسع وعشرين طلع السلطان نور الدين إلى صنعاء مرة ثانية وتسلم حصن بكر(1) وكوكبان(2) وبراش وبعث إلى مكة المشرفة أميرا يقال له: ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة (3)، وهو أول جيش جهزه إلى الحجاز فنزلوا الأبطح، وحاصروا الأمير الذي فيها من قبل الملك الكامل (4)، وكان يسمى الدعيكيني(5)، فراسل أهل مكة الشريف راجح بن قتادة فمالوا إليه وإلى ابن عبدان، فلما أحس بذلك الدعيكيني خرج هاربا هو ومن معه إلى ينبع(6) وكان في ينبع رتبة(7) للملك(1) الكامل، فأقاموا هنالك، وأرسلوا إلى الملك الكامل إلى مصر وأخبروه بوصول العسكر من اليمن وما كان من أهل مكة، فجهز الملك الكامل عسكرا كثيفا، وقدم عليهم فخر الدين بن شيخ الشيوخ وأرسل إلى الشريف شيحة (2) أمير المدينة وإلى الشريف أبي الأسعد أن يكونا معه وكانا في خدمة الملك الكامل، فوصلوا إلى مكة وحاصروا ابن عبدان والشريف راجح وقاتلوهما، فقتل ابن عبدان وانكسر أهل مكة، وقتل من أهل مكة مقتلة عظيمة، ونهب مكة ثلاثة أيام، فلما علم الملك الكامل بما فعل فخر الدين غضب عليه وعزله واستدعاه إلى مصر، وأرسل بدله أميرا يقال له: ابن مجلي فوصل إلى مكة في سنة ثلاثين، وفي هذه السنة المذكورة أمر السلطان نور الدين بضرب السكة على اسمه، وأمر الخطباء أن يخطبوا له في سائر أقطار اليمن، وتسمي بالملك المنصور.
Bogga 75