ووصل إلى الإمام -عليه السلام- أهل ضميم ومن ينضاف إليهم من مشارق بلادهم، يقدمهم الفقيه الطاهر السابق محي الدين داعي أمير المؤمنين المعلا بن عبدالله(1)، وقد كان أذن له الإمام -عليه السلام- في التقدم إلى قومه والتفقد لأمورهم، وفي خلال ذلك توسط المتوسطون فيما بين الإمام -عليه السلام- وبين سنحان في الصلح، وانصرم الصلح على شروط منها: دفع ثمانين ألف دينار ونيفا على ذلك، ومنها محاربة [جعدان](2) بن وهب وأسعد بن سعيد ومن شاركهم في قتل الفقيه أحمد بن يحيى -رحمه الله- ونفيهم من البلاد ولحوقهم أينما كانوا، ومنها: تسليم رهائن معينه من كبار سنحان وغير ذلك، وأقام الإمام -عليه السلام- هنالك وجهز الأمير المقدام أسد الدين محمد بن سليمان بن موسى إلى الجهات الذمارية في نحو من ثمانين فارسا، وكان أخوة الأمير المعظم فخر الدين عبدالله بن سليمان في تلك الجهات الذمارية، فلما وصل إليه أخوه تقدم بنفسه إلى الإمام -عليه السلام-، وأقام الإمام -عليه السلام- في محطة العمري إلى سابع شهر رجب سنة تسع وأربعين، ونهض حتى حط في خدار(3)، وجعل مقامه في القلعة والمحطة في المغربة شرقي القلعة، ومن هنالك تفرق الناس وأمر الإمام بخراب بلاد جعدان بن وهب واستئصال شأفته وكان جعدان ممتنعا في قلعة تسمى الرشية في مغارب صنعاء، فأخربت بلاده وضاقت عليه الأرض بما رحبت. وأقام الإمام -عليه السلام- (غير متزحزح عن البلاد)(4) في خدار شهرا وأمر الناس بإتمام الصلاة، فلما رأى أسد الدين أن الإمام -عليه السلام- غير متزحزح عن البلاد وأنه لا طاقة له بحربه عزم قاصدا رداع(1)، وفيها القلعة المشهورة، فأتاهم على حين غفلة فاستظهر عليهم وخرج منها المجاهدون سالمين، ولم يلبث أسد الدين أن نهض من رداع إلى ذمار فوقف فيها أياما، ثم نهض إلى حصن من ناحية المشرق، ولما علم الإمام -عليه السلام- بصدور أسد الدين نهض قافلا إلى الجهات الصنعانية.
وخرج أهل صنعاء في لقائه -عليه السلام- إلى بعض الطريق يقدمهم الأمير المتوكل أحمد بن الإمام المنصور بالله -عليه السلام-، وقد كان الإمام -عليه السلام- لما وصل إليه من ذمرمر إلى سناع أيام الحرب لم ير إلا الصفح عنه والعفو الذي هو شيمته وأمره بالوقوف في صنعاء لأمر رآه صوابا.
Bogga 304