Dowladda Islaamiga ah iyo Burburka Degdegga ah
الدولة الإسلامية والخراب العاجل
Noocyada
انظر هنا إلى اللغة والتعبير، علماء الشريعة وضعوا لنا قواعد صارمة، ولا تفهم لماذا علماء الشريعة دون غيرهم هم من يضع لنا القواعد طوال الوقت، وهي القواعد التي يصفها بأنها «صارمة». ولا تفهم كيف تلتقي الصرامة في التشريع مع ما يغنيه علينا بطول موضوعه، هو وغيره من فريقه، عن ديمقراطية التشريع الإسلامي.
إن الصرامة هي الجمود، وعكس الصرامة هو السلاسة والليونة والمرونة؛ أما الصرامة والحدود القواطع والأمور المنتهية غير القابلة للنقاش، فكلها مما لا يتفق لا مع الديمقراطية ولا مع الكرامة ولا مع الحرية. إنه يضع لنا هنا صنفين من البشر، صنف يسوس بشريعة الله ويضع القواعد الصوارم والحدود والقواطع، وصنف مسوس هو الرعية، عليه الطاعة بدون نقاش. هكذا سيحكموننا يا مسلمين ... هكذا!
إن الصرامة هي إحدى وسائل التعامل مع العبيد، ولا تصدر إلا عن قلوب صارمة حجرية تتفنن في صرامتها، وتغالي في احتداد هذه الصرامة يوما بعد يوم. التشريعات الصارمة لا تعرف التسامح ولا الرأي الآخر ولا المحبة ولا الإخاء ولا الليونة ولا التيسير على الناس ولا الرفق بالإنسان ولا بالحيوان. إن الصرامة مكانها الوحيد هو عندما نكون في حالة عداء وحرب مع دولة أخرى، الصرامة لا تكون بين أعضاء المجتمع الواحد؛ لأنهم إخوة لا أعداء؛ إخوة وأهل وأصدقاء على قدم وساق ليس بينهم سيد يفرض صرامته، ومسود يطيع وهو مصروم.
إن الصرامة التي يعجب بها المتأسلمون بشدة كما نرى، مأخوذة من تاريخ مضى وانقبر، كانت تناسب زمنها وتتفق مع وقائع قديمها، حيث الحكم بالسيف والعقاب بالسوط وأيضا بالسيف وبالرجم، الحاكم أو حد مطلق النفوذ في التصرف على رعيته. إن أدبيات الصرامة هي ما تغص به أرفف مكتبتنا التراثية، تسبب لمن يقرأها اليوم الألم والوجع لما كان يلحق بالعباد في دولة الصرامة من ظلم وطغيان يفطر الأكباد، وتشرح حال الرعية في عصور الظلام حيث في كل اتجاه قواعده صارمة لا تعرف الرحمة، كما أنها لا تعرف أيضا تيسير الإسلام كما كان في بكارته الأولى، قبل أن يصيبوه بالجهامة والغلظة بما أضافوه له عبر العصور، فأينما مددت يدك في تراثنا وجدت كنوزا من قصص الآلام والجبروت، أسوق لكم نموذجا لطيفا منه نقرأه معا من صبح الأعشى للشيخ أبي العباس القلقشندي؛ إذ كتب يقول: «وهذه نسخة مرسوم كتب به عن نائب المملكة الطربلسية إلى نائب حصن الأكراد، بإبطال ما حدث بالحصن من الخمارة والفواحش، وإلزام أهل الذمة بما أجرى عليهم أحكامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، في أواخر جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة وقد جاء فيه: وأما أهل الذمة ممن رفع عنهم السيف إلا بإعطاء الجزية والتزام الأحكام، وأخذ عهود أكيدة عليهم من أهل النقض والإبرام، فليتقدم الجناب الكريم بإلزامهم بما ألزمهم به الفاروق رضوان الله عليه، وليلجئهم في كل أحوالهم إلى ما ألجأهم إليه، من إظهار الذلة والصغار، وتغيير النعل، وشد الزنار، وتعريف المرأة بصبغ الإزار، وليمنعوا من إظهار المنكر والخمر والناقوس، وليجعل الخاتم أو الحديد في رقابهم عند التجرد في الحمام، ويلزموا بغير ذلك من الأحكام التي ورد بها المرسوم الشريف من عدة أيام. ومن لم يلتزم منهم بذلك وأعلن بكفره وأعلى حكمه، فما له إلا السيف وغنم أمواله وسبي ذراريه وما في ذلك على مثله حيف. فهاتان مفسدتان أمرنا بإلزامهما فرارا من سخط الله تعالى وحذرا منه، إحداهما إبطال الحانة، والثانية إخفاء كلمة اليهود والنصارى، فليقدم الجناب المشار إليه باستمرار ما رسمنا به، ونرجو من كرم الله تعالى استمرار هذه الحسنة مدى الزمان، وليقمع أهل الشرك والضلال بما يلزم من الصغار عليهم والإذلال.»
هذه هي دولة الشريعة التي كانت تطبق الشريعة بدقة وهي الدولة التي يريد أن يستعيدها لنا الدكتور فوزي خليل وإخوانه. ويفلسف لها ويؤسس بلغة معاصرة تناسب زماننا فيقول: «يغدو الاجتهاد في مفهومه الأصولي هو الأساس الذي يقوم عليه الاجتهاد في العملية السياسية، الهادفة إلى الوصول إلى القرارات، التي تستهدف حفظ مقومات المصلحة العامة.»
إذن هو يقول إن الاجتهاد في العملية السياسية يسير عبر هدفين؛ الأول هو الوصول إلى القرارات، والثاني هو هدف هذه القرارات وهو أن تكون مهمتها حفظ مقومات المصلحة العامة، وتكون المصلحة العامة هي المحور الذي تدور حوله عملية الاجتهاد، وهو كلام جميل لا بد أن نتساءل قبله: ما هي المصلحة العامة وكيف نعرفها؟ ربما يكون طرح الأسئلة سبيلا للوصول إلى تعريف المصلحة العامة، فهل السعي لإقامة دولة دينية تمهيدا لإقامة خلافة إسلامية إمبراطورية من المصلحة العامة؟ لأنه سيترتب على ذلك حتما المصادمة مع دول العالم والمجتمع الدولي، وإعلان تمرد على الشريعة الدولية المتمثلة في مجلس الأمن والأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدات جنيف.
سؤال آخر: هل من صالحنا العام أن نظل محكومين بإفتاءات تنهال علينا من كل فج عميق في كل طريق وفي كل مكان؟ إن المصلحة العامة شأن شعبي يخص الجميع، وليس مصلحة لجماعة محظورة أو لفريق من الشعب دون فريق آخر.
إننا كي نتعرف على صالح مجتمعنا العام، نحن في حاجة أولا إلى رأي عام رشيد يحدد لنا المصلحة العامة ويعرفها ليأخذ بها المشرع، وقبل هذا وذاك نحن بحاجة لفك أسر الرأي العام وإطلاقه حرا، بأن توضع أمامه خيارات وبدائل أخرى يمكنه المقارنة بينها والمفاضلة قبل الاختيار. وقبل كل ما سلف وكي نوجد حرية تصنع رأيا عاما رشيدا، علينا تحطيم الأنصاب والأوثان التي صنعها لنا رجال يشتغلون بالدين وليسوا هم الدين، إنما هم من يلعبون بالدين وبنا ويتحصنون بالدين ضد كل المجتمع. لن توجد حرية ولا رأي عام رشيد يمكنه تحديد صالحه العام طالما كانت قلعة رجال الدين زاخرة بالرماة المتمترسين بمقدساتنا، الذين لا يجدون غضاضة أبدا في خلع المواطن من الملة بشديد البساطة، ويقتلون مفكرا مثل فرج فوده بعد صدور فتوى بتكفيره من الأزهر، وينفون نصر أبو زيد من الأرض المسلمة لتأويه بلاد الكفرة وتحميه من عذاب رجال دين الإسلام وغضب سماحتهم وقاتم لطفهم وعسر تيسيرهم؛ لأن الرأي العام للمسلمين قد تم استئناسه واستعباده بمخترعات الإعلام الحديثة. أليس من قتل الرأي الحر مصادرة الكتب والروايات ومحاكمة الكتاب والمفكرين بتهمة التفكير؟
إن أحداث ميدان الأزهر ودهب وشرم الشيخ والعريش واغتيال الزعيم المصري الوحيد المعاصر الذي آزره رب العزة ونصره وأيده، يوم عيد نصره ونصر مصر كلها. اغتالوه رغم الماثل أمامهم من تأييد رباني، ثم حاولوا اغتيال سلفه في أديس أبابا، وقتلوا فرج فودة وطعنوا رجل نوبل العبقري رحمه الله، وطلقوا نصر من ابتهال وكفروا سيد القمني وحاكموه مرتين لولا لطف من الله وتأييده فحاز البراءة، فإن كان الحديث يقول: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فهو ما يعني أن الأزهر الذي طالب محاكمة سيد القمني، هو من باء بها، أليس كل هذا الذي يحدث اعتداء صارخ على حرية الفكر؟ أليس الادعاء بأن الإسلام دين ودولة هو دعوة لعودة الاستبداد الخليفي والإرهاب الفكري، لسلب الناس حرياتهم باسم مطالبة رب العزة لنا أن نقيم له دولة في بلادنا، يرأسها نوابه من الإخوان المسلمين؟
من صالحنا العام أن نعيش كبقية البشر في الدنيا أحرارا، لنا الحق في التفكير والإعلان عن نتائج هذا التفكير للناس، من صالحنا أن يكون لنا حقوق إنسان كاملة غير منقوصة، من صالحنا العام أن نرفض عودة العمل بنصوص الدين في دولة دين تنص على العبودية والجزية وجناح حريم. لقد نسخت القوانين العالمية والرأي العام الدولي العمل بآيات العبودية والجزية، وهي حتى الآن في فقهنا من نوع الناسخ من الآيات وليست من نوع المنسوخ، الاتفاقات الدولية نسخت الرق من الدنيا رغم أنه غير منسوخ في القرآن، ووافق المسلمون غير راضيين بل وبعد مقاومة، وتم نسخ الرق من حياة المسلمين بعد أن قالوا للأمر الدولي بهذا النسخ: سمعنا وأطعنا.
Bog aan la aqoon