Dowladda Islaamiga ah iyo Burburka Degdegga ah
الدولة الإسلامية والخراب العاجل
Noocyada
واللطيف أن الدكتور يقول: «ولا شك أن تفسير وفهم الحقوق مسألة مرتبطة بدرجة الوعي لدى الشعب، والتي تتفاوت من مجتمع لآخر، وفق منظومته القيمية الخاصة.» ها هو الدكتور يسمنا بمسيم قيمنا الخاصة التي يجب أن تكون هي ماكينة الفرز وميزان القياس والمعيار، هي حاسة تذوقنا المقدسة لتلك الحقوق التي يطلبها للناس. يربط الحقوق والوعي بقيم الشعب، وطالما أن القيم خاصة فسيكون الوعي خاصا والحقوق خاصة؛ لذلك فالوعي لن يتسع لحقوق جديدة لم تكن معروفة في منظومة القيمة الخاصة. ووفق قيمنا الخاصة علينا بداية قبل أن نبدأ النضال بتضييق الممكن في حقوق الإنسان والمرأة والعمال وحريات العبادة والتفكير والتعبير؛ لأن ذلك كله جاء في العصر الحديث والمعاصر ولم يكن معروفا في منظومتنا القيمية الخاصة. ونصل إلى نتيجة هي أننا إذا التزمنا بقيمنا الخاصة فلن يكون لنا حق ضائع نناضل من أجله؛ لأن قيمنا ليس فيها من تلك القيم الحديثة شيء.
المهم ما هو المأمول إذن؟ وما هو الغرض النهائي لذلك النضال اللاعنفي؟
يقول الدكتور: «هو ممارسة أشكال ضغط متنوعة تؤدي إلى ردع الخصم أو تعديل مساره أو تحجيم قوته أو هزيمته.» الهدف النهائي لهذا النضال هو ردع الخصم الذي هو الحكومة، وكأن هدف هزيمة الحكومة وإسقاطها سيؤدي إلى تحقيق فوري لآمال البلاد والعباد، فإن ذهبت الحكومة ظهرت شمس الحريات والديمقراطية من خدرها يزفها العدل والقانون زوجا لقمر المساواة والتسامح والسلام.
هنا تعود الذاكرة إلى صاحب الزنج عبد الله بن علي بن محمد الذي قاد ثورة عظيمة ضد الخلافة العباسية بمئات ألوف العبيد، واستولى على مساحات شاسعة من أرض الخلافة وعامل العرب المهزومين بالشريعة الإسلامية، فاستعبد نساءهم وباع أطفالهم في الأسواق، فهو كمسلم لم يتصور أن هناك نظاما أفضل من نظامه الديني، وكانت المفارقة أن كل ما تبدل هو الأشخاص، السيد أصبح عبدا والعبد أصبح سيدا؛ لأن عبد الله بن محمد لم يتجرأ على اكتشاف أن العيب في الثقافة نفسها، في النظام، في المجتمع كله.
لقد ثار عبد الله الزنجي بغرض إصلاح أوضاع رآها فاسدة هو وجيوشه، لكنه لم يكتشف أن إلغاء الأوضاع الفاسدة بما فيها العبودية يكون بإلغاء القانون المشرع لها؛ ولهذا ثارت النخوة العربية في كل الإمبراطورية وأرسلت كل الدعم للإمبراطورية العربية لهزيمة صاحب الزنج الذي تجرأ وطبق قوانين العرب على العرب، وركب نساءهم وأسر رجالهم واستعبدهم. إن مجتمعاتنا تحتاج أن تعلم أن هناك سلوكيات وممارسات غير ما يقول لهم أهل الدين تؤدي إلى إصلاح حال البلاد والعباد؛ وأن للناس الدور الأول في تعيين حاكمهم، لا أن يذهبوا بعد تعيينه ليباركوا له فيما يعرف بنظام البيعة، فطالما نتحدث عن الشورى والبيعة، فلا حق ضاع منا حتى تاريخه حتى نطلبه بالتغيير اللاعنفي الذي هو كارثة كاملة وخراب كامل للوطن وفق البنود التي وضعها أبو حطب لهذا التغيير المسالم الأليف.
إن الحقوق التي تتحدث عنها البشرية الآن هي شأن جديد مكتسب لم يأتهم منحة من أحد في الأرض أو في السماء، ولم تكن معروفة عند السلف، اكتشفها مفكرون من غيرنا، لذلك يجب أن نفهم من خطاب أبي حطب أنه يطالبنا بالنضال وتدمير المجتمع كله لقتل الحكومة الفاسدة ... بقتل الوطن؛ كي نستعيد حقوقنا، وحقوقنا هي أهل الحل والعقد والبيعة والشورى والخلافة والولاة والجزية والسبايا والعبودية في ثوب معاصر.
إن الدكتور أبا حطب يريد أن يقيم صراعا داخليا وأن يشيع خصومة بين الشعوب المسلمة وبين حكوماتها، ويتمنى أن ينتهي هذا الصراع بتعديل في المسار، بينما سقوط الحكومة نفسه لن يتغير أو يعدل أي مسار، فتعديل المسار يكون بتعديل الثقافة جميعا، ويأتي بالتعلم والتثقيف بثقافة الحرية والتحلي بصفات العقل الحر، والاطلاع على منجزات الشعوب الأخرى وكيف تمكنت من نيل الديمقراطية، وما هي الديمقراطية، وما الفرق بينها وبين الشورى؟ وإن عقلا لم يتمكن من معرفة هذا الفرق لا يحق له أن يطلب شيئا لم يضع منه لأنه لم يكن يملكه أصلا. وعليه أن يتساءل لماذا يأخذ كل ما هو نافع من كل بلاد العالم، بينما هذا العالم لم يأخذ منا أي شيء خاصة الغرب المتفوق، لم يأخذ بنظام الشورى والبيعة، وعليه أن يفهمنا ما هي المساواة وما هو الحق وما هو الخير وما هي حقوق الإنسان والمرأة والطفل والعمال، ما هي قوانين الحرب المعاصر وما الفرق بينها وبين حروبنا المجيدة السالفة. إن تعديل المسار هو ذات نفس العقل الحر.
إن نظرة سريعة على بنود أسلحة النضال اللاعنيف التي سجلها الدكتور تعطي للصورة خلفية هندية بريطانية من زمن غاندي، يذكرنا بنضال الهند ضد الاستعمار الإنجليزي نضالا سلميا بالعصيان المدني المستمر، بهدف تدمير الاقتصاد وتحميل الاستعمار تكاليف باهظة تجعل استمرار وجوده بالهند مكلفا مما يضطره إلى الجلاء.
ومثل هذا النوع من النضال إنما يريد تخليص تراب الوطن من الاستعمار مع بقاء الوطن على حاله إن لم يأخذ بفلسفات جديدة. ومثل هذه الصورة الاستعمارية لم تعد موجودة، ولم تعد هناك حاجة لغاندي وفلسفته، نحن في حاجة لفلاسفة مصلحون يعلمون الناس الطريق نحو النور، فإن تنور الناس أصبح بإمكانهم الفرز بين المخاتل وبين المخادع وبين المراوغ، ولأمكنهم التخلص من رهاب القداسة، إن أسلحة النضال اللاعنيف المطلوبة هي أسلحة عصر التنوير الأوروبي.
إن العودة إلى طريق غاندي لن تكون في حالتنا ضد مستعمر بل هي ضد حكومات الوطن، وإسقاط النظام الممسك لأشتاتنا دون بديل، عندما مات النبي فجأة ولم يحدد للصحابة شكل النظام ولم يعين له خليفة، ذبح الصحابة بعضهم في الفتنة الكبرى، وسقوط الحكومة اليوم هو استعادة للفتنة الأكبر، هو دمار للمجتمع لأننا لسنا صحابة، ولو كانت الفتنة الكبرى قد أفادت البشرية لأخذت بها بقية الدول بتشغيل الدين في السياسة والصراعات المصلحية.
Bog aan la aqoon