90

David Copperfield

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

Noocyada

الفصل الرابع عشر

ديفيد يتخذ قرارا

وهكذا انقضت الأسابيع والشهور على الوتيرة الكئيبة نفسها، إلى أن أثمرت مساعدة ومشورة أقرباء السيدة ميكوبر عن إطلاق سراح السيد ميكوبر من السجن؛ وأصبح هناك إمكانية أخيرا لحدوث شيء ما على غير توقع للسيد ميكوبر؛ ولكن ليس في لندن - بل بعيد عن لندن، وبينما ديفيد عائد إلى غرفته المستأجرة تلك الليلة، هبط ثقل على قلبه عندما فكر في ابتعاد أصدقائه الوحيدين عنه.

ولم يستطع ديفيد النوم في تلك الليلة؛ فقد اعتاد على أسرة ميكوبر للغاية، وكان ودودا جدا معهم في محنتهم، كما أنه ليس لديه أصدقاء سواهم، إلى جانب أن إمكانية أن يعيش مرة أخرى وسط أناس مجهولين كانت تمثل تعاسة بالنسبة له.

وراح يتأمل كل الخزي والإهانة اللذين عاناهما في العام المنصرم، وصاح بينه وبين نفسه قائلا إن حياته لا تطاق. ألا يوجد أي أمل في الفرار منها؟ لا أمل. لا أمل على الإطلاق؛ ما لم يفر هو بنفسه منها!

الفرار! خطرت الفكرة بباله وهو مستلق يعاني الأرق في فراشه، ويتساءل ماذا عساه يفعل بعد رحيل أسرة ميكوبر؛ وتدريجيا شكلت الفكرة نفسها في صورة قرار نهائي.

كانت أسرة ميكوبر ذاهبة إلى مدينة بليمث في غضون أسبوع، وطوال تلك المدة استأجروا شقة مع ديفيد في المنزل نفسه، وذهب السيد ميكوبر إلى مكتب المحاسبة ليخبر السيد كوينين أنه مضطر لأن يتخلى عن عنايته بديفيد في اليوم الذي سيرحل فيه.

فاستدعى السيد كوينين سائق العربة تب، الذي كان متزوجا، وعنده غرفة للإيجار، وسأله إن كان يستطيع أن يسكن ديفيد فيها. فلم يزد تب على أن سر للغاية، وتركهم ديفيد يقررون الأمر هكذا، ولم يقل شيئا. فقد عقد العزم على الهروب فور رحيل أسرة ميكوبر.

وبالطبع لم يتفوه ديفيد مطلقا بكلمة واحدة عن الموضوع لأي أحد؛ وجعله تكتمه يفكر في الأمر أكثر. إلى أين عساه يذهب؟ لقد سأل نفسه هذا السؤال مائة مرة، وهو يتقلب متأرقا في فراشه؛ وظل مائة مرة يكرر تلك القصة القديمة التي قصتها عليه أمه عن يوم مولده (وهي قصة كانت أمه تحب أن ترويها له، وكان هو يحب أن يسمعها) قصة الآنسة بيتسي تروتوود - عمة والده - التي دخلت المنزل في ذلك اليوم من شهر مارس، الذي اشتدت فيه الرياح، ثم وثبت خارجة منه مرة أخرى، وذلك عندما سمعت أن المولود كان صبيا. «اخلعي قبعتك يا ابنتي، ودعيني أراك ...» لقد سمع القصة مرات عديدة؛ وكيف عندما أطاعتها أمه على الفور، ولكن بيدين متوترتين للغاية، انسدل شعرها الجميل كله على وجهها؛ وكيف صاحت الآنسة بيتسي قائلة بصوت يمتلئ بالإعجاب: «يا إلهي، يا للروعة! إنك صغيرة للغاية!»

لم يستطع ديفيد أن ينسى كيف تخيلت أمه أنها أحست بالآنسة بيتسي تلمس شعرها بيد لا توصف بعدم الرقة، ورغم أن هذا ربما يكون فقط من مخيلة والدته، فقد خرج ديفيد بتصور صغير عن الفكرة؛ إذ رقت العمة البغيضة للجمال الطفولي الذي تذكره هو جيدا، وسامحتها تماما على كونها «دمية شمعية.»

Bog aan la aqoon