David Copperfield
ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون
Noocyada
قالت بيجوتي: «لم تكن أمك في حالة جيدة أبدا، وطوال فترة كبيرة. كما أظن أنها بدأت تصبح أكثر تهيبا، وأكثر خوفا في أيامها الأخيرة؛ إذ إن أي كلمة قاسية كانت كاللطمة بالنسبة لها. لكنها ظلت تعاملني المعاملة نفسها؛ فلم تغير قط معاملتها لخادمتها الحمقاء بيجوتي، لم تفعل فتاتي الجميلة. كانت آخر مرة رأيتها فيها وهي تشبه ما كانت عليه قديما هي تلك الليلة التي عدت فيها أنت إلى المنزل يا حبيبي. وفي اليوم الذي رحلت فيه قالت لي: «لن أرى حبيبي الجميل بعد ذلك أبدا. شيء ما يحدثني بهذا، إنه يحدثني بالحقيقة، أنا متأكدة. فليحفظ الله ولدي اليتيم وليصنه».»
قالت بيجوتي: «لم أتركها بعد ذلك قط. إنها كثيرا ما كانت تتكلم معهما في الطابق السفلي - فقد كانت تحبهما؛ وما كانت تقوى على ألا تحب أي أحد قريب منها - لكن عندما كانا ينصرفان من جانب سريرها، كانت دائما تتوجه إلي، وكأنما كان هناك راحة حيث توجد بيجوتي، ولم تكن تنام قط بأي طريقة أخرى.
في الليلة الأخيرة قبلتني وقالت: «اجعلي ابني العزيز يرافقني إلى قبري، وأخبريه أن أمه، بينما ترقد هنا الآن، لا تباركه مرة واحدة فقط، وإنما تباركه ألف مرة ... بيجوتي، عزيزتي، قربيني منك أكثر.» لأنها كانت تشعر بضعف شديد. وقالت: «ضعي ذراعك الطيبة تحت رقبتي، ووجهيني إليك، فوجهك يبتعد جدا، وأنا أريده أن يكون قريبا مني.» فوضعتها حيث أرادت؛ ويا للألم يا ديفي! لقد جاء الوقت الذي سرها فيه أن تضع رأسها المسكين فوق ذراع خادمتها الحمقاء بيجوتي؛ ثم ماتت وكأنها طفلة خلدت إلى النوم!»
منذ ذلك الحين لم يعد ديفيد يتذكرها إلا في صورة تلك الأم الصغيرة التي كانت تلف عقصات شعرها الزاهية حول أصبعها، وترقص معه ساعة الشفق في ردهة المنزل. لقد عادت أمه بموتها هذا إلى شبابها الهادئ الخالي من الهموم، وألغت كل ما سواه.
الفصل الحادي عشر
زفاف بيجوتي
كان أول ما فعلته الآنسة ميردستون بعد انتهاء يوم الجنازة أن أخطرت بيجوتي بالفصل من عملها بعد شهر. أما بخصوص مستقبل ديفيد، فلم تقل كلمة، ولم تتخذ خطوة. ذات مرة تجرأ وسأل الآنسة ميردستون متى سيرجع إلى المدرسة، فقالت له بأسلوب جاف إنها تعتقد أنه لن يعود إلى المدرسة على الإطلاق.
لا السيد ولا الآنسة ميردستون أرادا رؤيته في الردهة، لذا كان يقضى الوقت مع بيجوتي؛ ولم يبد أن السيد ميردستون كان يكترث لهذا ما دام ديفيد لم يزعجه.
قالت بيجوتي ذات يوم: «ديفي، لقد سلكت، يا عزيزي، كل طريق هداني تفكيري إليه لكي أجد عملا مناسبا هنا في بلاندستن، لكن لا وجود لشيء كهذا يا حبيبي.» «وماذا تنوين أن تفعلي يا بيجوتي؟» هكذا سألها ديفيد بنبرة ملأها الحزن والشفقة؛ فقد كانت هي الصديق الوحيد الذي له في الدنيا في هذه اللحظة؛ وقد كان متشبثا بها.
أجابت بيجوتي: «أتوقع أني سأضطر للذهاب إلى يارمث والعيش هناك.»
Bog aan la aqoon