27

David Copperfield

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

Noocyada

كان ديفيد يتعلم دروسه على يد أمه مثلما يفعلان دائما، لكن لأن السيد والآنسة ميردستون كانا موجودين عادة في الغرفة؛ فقد أصابه وجودهما بالتوتر، وأصبحت دروس الجغرافيا أو التهجئة التي كان يبذل جهدا كبيرا للغاية كي يتعلمهما تطير من رأسه، وأخذ يتلعثم ويخطئ.

كان يجول في خاطره، في تلك الأوقات، أن أمه لو امتلكت الجسارة لأرته الكتاب. وفي الواقع، لقد كانت تحاول أحيانا أن تلمح له بالكلمة عن طريق تحريك شفتيها أمامه دون أن تصدر صوتا. «كلارا!» لكن صرخة الاحتجاج هذه كانت تنطلق من فم السيد ميردستون؛ حيث تنتفض والدة ديفيد فزعا، ويحمر وجهها خجلا، وتحاول أن تبتسم.

حينئذ كان السيد ميردستون يأخذ الكتاب منها، ويرميه على ديفيد، أو يلكم به أذنيه، أو يدفعه في كتفيه ويطرده خارج الغرفة.

جعلت هذه المعاملة ديفيد غاضبا ومتبلدا وعنيدا؛ خاصة لأن السيد والآنسة ميردستون كانا يبعدانه عن أمه كلما سنحت لهما الفرصة. لكنه برغم هذا لديه مصدر سلوان لم يكن السيد ولا الآنسة ميردستون يعرفان عنه شيئا؛ ومنبع سرور، كذلك، ما كانا يستطيعان أن يسلباه منه.

كان الأمر كالآتي. في غرفة صغيرة مجاورة لغرفته، في الدور العلوي، ويستطيع دخولها متى شاء، وجد مجموعة كتب كان يمتلكها أبوه المتوفى. يا إلهي! يا لتلك الكتب البهيجة! فكلما أحس بضيق ينسل إلى الأعلى ويقرأ هذه الكتب؛ يا لها من كتب! «مغامرات رودريك راندوم»، «مغامرات بيراجرن بيكل»، «بعثة هامفري كلينكر»، «روبنسون كروزو»، «ألف ليلة وليلة»، وعدد كبير من الكتب الأخرى التي حفظها عن ظهر قلب. وكان بطريقته الصبيانية يتخيل نفسه رودريك راندوم، أو يحاكي روبنسون كروزو، وقد وجد بهذا قدرا كبيرا من العزاء.

وفي صباح أحد الأيام دخل ديفيد بكتبه إلى الردهة، فرأى على وجه أمه علامات قلق كبير، بينما راح السيد ميردستون يلوح بعصا في الهواء، وسمعه ديفيد يقول: «لقد ضربت أنا نفسي بالعصا مرارا.»

لا شك أن هذا جعل ديفيد أكثر توترا وبلادة من أي وقت مضى، وبدأ يخطئ أخطاء كثيرة في دروسه. وقد كانت الدروس تدخر له درسا بعد الآخر ليذاكرها من جديد، إلى أن انفجرت أمه في البكاء.

قالت الآنسة ميردستون بنبرة تحذير: «كلارا!»

قالت الأم متلعثمة: «أظن أنني لست على ما يرام.»

قال السيد ميردستون وهو يرفع العصا: «ديفيد، سوف تصعد معي إلى الطابق العلوي، أيها الولد.»

Bog aan la aqoon