103

David Copperfield

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

Noocyada

قالت الآنسة بيتسي، وهي تهز رأسها، وتشق الهواء شقا طويلا بسكينها: «انصرف! ارحل! لا أولاد يأتون هنا!»

فنظر إليها ديفيد وقلبه يكاد يخرج من فمه من شدة الخوف، وذلك عندما سارت إلى أحد أركان حديقتها، وتوقفت لتقتلع جذرا صغيرا لأحد النباتات هناك. حينئذ، دفع اليأس ديفيد إلى التهور، وتقدم برفق حتى وقف إلى جوارها، ولمسها بأصبعه.

وبدأ يقول: «من فضلك يا سيدتي.»

قفزت الآنسة بيتسي من مكانها ورفعت عينيها. «من فضلك يا عمتي.»

صرخت الآنسة بيتسي بنبرة ملأها الدهشة: «ماذا؟» «من فضلك يا عمتي، أنا ابن أخيك.»

قالت الآنسة بيتسي: «يا إلهي، يا رحمن!» وافترشت أرض ممر الحديقة. «أنا ديفيد كوبرفيلد، من قرية بلاندستن، من مقاطعة سافك؛ حيث أتيت، ليلة مولدي، ورأيت والدتي الغالية. إنني في غاية الحزن منذ ماتت. لقد تجاهلونني، ولم يعلموني شيئا، وتركوني أواجه الحياة بنفسي، ووضعوني في عمل لا يناسبني. لقد جعلني هذا أفر إليك. حيث تعرضت للسرقة في بداية رحلتي، ومشيت الطريق كله على قدمي، ولم أنم على سرير قط مذ بدأت الرحلة.» وهنا أخذته نوبة بكاء، وظل يبكي وكأنما قلبه سينفطر.

ظلت الآنسة بيتسي تحدق فيه في ذهول حتى بدأ يبكي، وهنا نهضت مسرعة، وأمسكت به، وأدخلته إلى الردهة، وفتحت خزانة طويلة، وأخرجت منها عدة زجاجات وأخذت تصب من كل واحدة منها في فمه. وبعد ذلك أرقدته، وهو لا يزال يبكي، على الأريكة، ووضعت شالا تحت رأسه، والمنديل الذي في رأسها تحت قدميه، خشية أن يوسخ الغطاء؛ ثم جلست، وظلت تهتف مرة بعد مرة: «ارحمنا يا الله!» وراحت تطلق تلك الهتافات مثلما تطلق البنادق طلقاتها في الجنازات العسكرية.

وبعد مدة دقت الجرس؛ وقالت للفتاة التي قابلته في المحل: «جانيت، اصعدي إلى الطابق العلوي، واحملي تحياتي للسيد دك، وأخبريه أني أود التحدث معه.»

راحت جانيت تحدق في دهشة إلى ديفيد الممدد على الأريكة متيبس الجسد، لكنها ذهبت تبلغ الرسالة، بينما راحت الآنسة بيتسي تذرع الغرفة ذهابا وإيابا إلى أن جاء الرجل الذي كان قد غمز له من النافذة العلوية ودخل الردهة وهو يضحك.

فقالت الآنسة بيتسي: «سيد دك، لا تتحامق، لأنه ما من أحد يستطيع أن يكون أكثر حكمة منك، عندما تريد هذا. لذا لا تتحامق، مهما حدث.»

Bog aan la aqoon