بسم الله الرحمن الرحيم الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى لأبي الوليد محمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة ٥٩٥هـ تقديم وتحقيق جمال الدين العلوي دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة الأولى ١٩٩٤

1 / 1

مقدمة التحقيق ١- أما بعد حمدا لله معلم البيان، وموجب النظر والإستدلال، ومختص الإنسان بإقامة الحجج البالغة وضرب الأمثال، والصلاة على محمد خاتم الرسل ونهاية التمام والكمال فإن غرضي في هذا الكتاب أن أثبت على جهة التذكرة، من كتاب أبي حامد ﵀ في أصول الفقه الملقب بالمستصفى، جملة كافية بحسب الأمر الضروري في هذه الصناعة ونتحرى في ذلك أوجز القول وأخصره، وما نظن به أنه صناعي. وقبل ذلك فلنقدم مقدمة نافعة في غرض العلم المطلوب ها هنا، ومنفعته فنقول: ٢-إن المعارف والعلوم ثلاثة أصناف (١): إما معرفة غايتها الإعتقاد الحاصل عنها في النفس فقط، كالعلم بحدث العالم، والقول بالجزء الذي لا يتجزأ وأشباه ذلك. وإما معرفة غايتها العمل، وهذه منها كلية وبعيدة في كونها مفيدة للعمل. فالجزئية كالعلم بأحكام الصلاة والزكاة وما أشبههما من جزئيات الفرائض والسنن. والكلية كالعلم بالأصول التي تبنى عليها هذه الفروع من الكتاب والسنة والإجماع. والعلم بالأحكام الحاصلة _________ (١) يختلف تصنيف العلوم هاهنا عما ذهب إليه الغزالي في المستصفى، فقد قسم أبو حامد العلوم إلى دينه وعقلية. ثم فصل القول في الدينية التي قسمها إلى كلية وجزئية وجعل علم الكلام العلم الكلي والعلوم الأخرى بما فيها أصول الفقه علوما جزئية. وذهب أبو حامد في موضع آخر إلى أن أوصل الفقه من علوم النظرية. أما ها هنا فالمعلوم نظرية أو عملية أو آلية وأوصل الفقه علم آلي منطقي.

1 / 34

عن هذه الأصول على الإطلاق وأقسامها، وما يلحقها من حيث هي أحكام. وإما معرفة تعطي القوانين والأحوال التي بها يتسدد الذهن نحو الصواب في هاتين المعرفتين، كالعلم بالدلائل وأقسامها، وبأي أحوال تكون دلائل وبأيها لا. وفي أي المواضع تستعمل النقلة من الشاهد إلى الغائب وفي أيها لا. وهذه فلنسمها سبارا وقانونا، فإن نسبتها إلى الذهن كنسبة البركار والمسطرة إلى الحس في مالا يؤمن أن يغلط فيه. (١) ٣- وبين أن كلما (٢) كانت العلوم أكثر تشبعا، والناظرون فيها مضطرون في الوقوف عليها إلى أمور يضطر إليها من تقدمهم، كانت الحاجة فيها على قوانين تحوط أذهانهم عند النظر فيها أكثر. وبين أن الصناعة الموسومة بصناعة الفقه في هذا الزمان وفي ما سلف من لدن وفاة رسول الله ﷺ وتفرق أصحابه على البلاد واختلاف النقل عنه ﷺ بهاتين الحالتين، ولذلك لم يحتج الصحابة ﵃ إلى هذه الصناعة كما لم يحتج الأعراب إلى قوانين تحوطهم في كلامهم ولا في أوزانهم. _________ (١) يمكن اعتبار التصنيف الثلاثي للعلوم تصنيفا فريدا بالقياس إلى ما ذهب إليه ابن رشد في أعماله اللاحقة على هذا المختصر، وذلك على الرغم من أنه لا يخرج عن التصنيف العام للعلوم إلى نظرية وعملية آلية، وهو ما ذهب إليه ابن رشد مع غيره من المتقدمين. هذا ولا شك أن القارئ سيستغرب لاستعمال كلمة البركار التي لم يكن الأندلسيون ولا المغاربة يستعملونها ولكنه من جهة أخرى لن يستغرب من استعمالها عند ابن رشد قارئ النصوص الفلسفية المشرقية وقارئ أبي نصر الفارابي. (٢) في الأصل: وبين أن كل ما.

1 / 35

٤-وبهذا الذي قلناه ينفهم غرض هذه الصناعة، ويسقط الاعتراض على أهل الصدر المتقدم ناظرين فيها، وإن كنا لا ننكر أنهم كانوا يستعملون قوتها، وأنت تتبين ذلك من فتواهم ﵃، بل كثير من المعاني الكلية الموضوعة في هذه الصناعة إنما صححت بالاستقراء من فتواهم مسألة مسألة. ٥- فأما أجزاء هذه الصناعة بحسب ما قسمت إليه في هذا الكتاب (١) فأربعة أجزاء: فالجزء الأول يتضمن النظر في الأحكام، والثاني في أصول الأحكام والثالث في الأدلة المستعملة في استنباط حكم حكم عن أصل أصل، وكيف استعمالها. والرابع يتضمن النظر في شروط المجتهد وهو الفقيه. ٦- وأنت تعلم مما تقدم من قولنا في غرض هذه الصناعة، وفي أي جنس من أجناس العلوم هي داخلة، أن النظر الخاص بها إنما هو في الجزء الثالث من هذا الكتاب، لأن الأجزاء الأخرى من جنس المعرفة التي غايتها العمل، ولذلك لقّبوا هذه الصناعة باسم بعض ما جعلوه جزءا منها، فدعوها بأصول الفقه. والنظر الصناعي يقتضي أن يفرد القول في هذا الجزء الثالث إذ هو مباين بالجنس لتلك الأجزاء الأخرى. ويقتصر من تلك على أحد أمرين: -إما أن توضع بحسب أشهر المذاهب فيها، وهو ما يراه مثلا أهل السنة. _________ (١) يقصد كتاب المستصفى

1 / 36

وإما أن يرسم ويعدد الاختلاف الواقع فيها، وتعطى الأحوال والقوانين التي بها تستنبط الأحكام بحسب رأي رأي في تلك الأصول. وبالجملة كيف لزوم بعض تلك الآراء فيها عن بعض، ومناسبتها للفروع، حتى يقال مثلا كيف يكون الاستنباط على رأي الظاهرية وعلى رأي القائلين بالقياس. وبالجملة بحسب رأي رأي من الآراء المشهورة. وهذا الوجه هو الأنفع في هذه الصناعة، وبهذا النظر يكون لهذا الجنس من المعارف صناعة تامة وكلية وكافية في نظر الجميع من أهل الاجتهاد. ٧-لكن رأينا أن نجري في ذلك على عادة المتكلمين في هذه الصناعة، ونتحرى في تقسيمها الترتيب الواقع في هذا الكتاب (١)، إذ هو أحسنها نظرا وأحرى أن يكون صناعيا، غير أننا سنشير إلى شيء من ذلك الغرض. ٨-ومما تقدم من قولنا يتبين غرض هذا الكتاب، ونسبته إلى سائر العلوم، ومرتبته، وما يدل عليه اسمه، وأقسامه. وهي الجمل النافع تقديمها للمتعلم عند شروعه في الصناعة. ولنبدأ من حيث بدأ. ٩- وأبو حامد قدم قبل ذلك مقدمة منطقية زعم أنه أداه إلى القول في ذلك نظر المتكلمين في هذه الصناعة في أمور ما منطقية، كنظرهم في حد العلم وغير ذلك. ونحن فلنترك كل شيء إلى موضعه، فإن من رام _________ (١) يقصد كتاب المستصفى لأبي حامد.

1 / 37

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.