Weerarkii Iskandariya
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Noocyada
وقد رأينا طائفة من المؤرخين يتكلمون عن هذا العامل الهام في سياسة العالم؛ كأنه «هيئة منظمة» تتألف من شيوخ محنكين يجتمعون في عواصم مختلفة ويصدرون في كل اجتماع قرارا يتبع إلى موعد الاجتماع التالي، ويوشك أن تنطبق الحوادث في هذه الفترة حرفا حرفا على ما رسموه ورتبوه.
ونحن لم نعرف فيما اطلعنا عليه دليلا قاطعا يثبت وجود هذه الهيئة من الشيوخ المحنكين والرؤساء المطاعين الذين لا يعلم أحد كيف يقع عليهم الاختيار، وكيف تنعقد لهم طاعة الملايين في أقطار العالم المعمور. ولكننا نحسب أن الحوادث التي يذكرها أولئك المؤرخون لا تستلزم تفسيرها بوجود تلك الهيئة المختارة ، وأن التدبير المقصود يمكن أن يتم بما بين أقطاب الصهيونيين من وحدة الغرض والقدرة على اغتنام الفرص والانتشار في جهات العالم التي تفتح لهم منافذ الفرصة في أمكنة متعددة، مع اشتغالهم جميعا بأسواق المال والتجارة التي تتصل سرا وجهرا بمسائل السياسة.
وسنرى فيما يلي مثالا «للتدبير» الذي يتم في حينه خطوة بعد خطوة على غير تفاهم سابق، فيظهر بعد حين كأنه خطة مرسومة وضعها أناس متفاهمون، وأملوها على أتباع يدينون لهم بصدق الطاعة وإخلاص النية، ولا تفاهم هناك في الحقيقة والإملاء.
اتفق في سنة 1798، سنة الحملة الفرنسية على مصر، أن يهوديا فرنسيا أذاع في باريس خطابا إلى قومه يدعوهم فيه إلى تأليف مجلس عام يضم إليه مندوبين من اليهود المنتشرين في أنحاء العالم، ويكون اجتماعه الأول في باريس لتقديم طلب إلى الحكومة الفرنسية يسألونها أن تساعدهم على رد وطنهم القديم، ويشفعون هذا الطلب بالسعي في الآستانة لإقناع السلطان العثماني بقبوله. وقد جاء في ذلك الخطاب أن البلاد التي يريدونها تشمل الوجه البحري في مصر إلى عكا والبحر الميت وشواطئ البحر الأحمر، وهي رقعة من الأرض تجعلهم سادة التجارة الهندية والعربية والفارسية، ويقول صاحب الخطاب: إن فرنسا يمكن أن تستمال إلى هذه المهمة بما نخصها به من الربح والعوض والمقايضة على النفوذ.
نقل سوكولوف
Sokolow
هذا الخطاب في كتابه عن تاريخ الصهيونية من سنة 1600 إلى سنة 1918، ونقل معه التصريح الذي أعلنه «نابليون» في الصحيفة الرسمية بعد ذلك بسنة واحدة، ودعا فيه يهود أفريقية وآسيا إلى موافاة جيشه ليدخل بهم في ظل رايته إلى مملكة «أورشيلم».
وقد فشلت حملة نابليون كما هو معلوم، وحبطت معها مشروعات كثيرة، ومنها هذا المشروع. لكن الفكرة لم تزل تساور أذهان الصهيونيين، ولم يزل لها دعاة في القارة الأوروبية، يعالجون تحريكها حيث سنحت لهم سانحة في الرجاء، وقد جاءت الحركة التالية من يهودي متجنس بالجنسية الإنجليزية يسمى السير «موسى حاييم مونتفيور»، ويشتغل بالتجارة في الشرق، وله معرفة بوالي مصر في ذلك العصر «محمد علي الكبير »، وقد كتب في مذكرته بتاريخ الرابع والعشرين في شهر مايو سنة 1839 «أنه سيطلب من محمد علي أن يؤجر له إقليما يزرعه من أرض فلسطين ويؤلف لاستغلاله شركة إنجليزية تؤدي أجرته مدة خمسين سنة ...» ثم تغيرت الأحوال بعد معاهدة سنة 1840 وإخراج فلسطين من حوزة محمد علي، فقنع الرجل بوعد من بالمرستون بحماية اليهود في البلاد التركية، واستأجر في سنة 1854 أرضا في صغد؛ لإقامة نحو خمسين أسرة إسرائيلية.
وكما اتفق في سنة الحملة الفرنسية توجيه تلك الدعوة التي أشرنا إليها، اتفق كذلك في سنة الاحتلال البريطاني - 1882 - أن جماعة باسم «بيت يعقوب تعالوا نذهب» تألفت في الآستانة لاستئناف المساعي، حيث انتهى بها «موسى حاييم مونتفيور»، وكان اثنان من الإنجليز المسيحيين، هما: اللورد «شافتسبري» والمستر «لورنس أوليفانت» يبذلان المال لتوسيع الأرض التي يزرعها اليهود في فلسطين.
وقد بلغ النفوذ الصهيوني أوج القوة والشهرة بين الإنجليز في تلك الحقبة، وكان رئيس الوزارة الإسرائيلي - لورد بيكنسفيلد - يتولى الحكم من سنة 1874 إلى سنة 1880، وهو الذي اشترى أسهم مصر في قناة السويس من الخديو إسماعيل بعد إعراض الإنجليز زمنا عن المساهمة بكثير أو قليل في شركة القناة، وخطابه إلى الملكة فكتوريا عن هذه الصفقة يدل على كثير؛ حيث يقول:
Bog aan la aqoon