Weerarkii Iskandariya
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Noocyada
وقبل أن تستفيد مصر من هذا التعديل ضاعت من يدها أسهم الشركة التي كانت تملكها إلى ذلك الحين، وتألبت المصاعب الداخلية والدسائس الخارجية على حرمانها هذا النصيب الوحيد الذي خرجت به من أسهم الشركة، فقد علم صحفي إنجليزي - هو فردريك جرينوود محرر البال مال جازيت - أن أزمات الديون قد ألجأت الخديو إسماعيل إلى المساومة على بيع حصة الحكومة المصرية من أسهم القناة السويس، فبادر إلى إطلاع دزرائيلي على الخبر وتبين من سؤال الخديو أنه صحيح وأن بيتا من بيوت فرنسا عرض على الخديو ثلاثة ملايين وستمائة وثمانين ألف جنيه ثمنا للأسهم، وهي قرابة «177000سهم» نحو نصف الأسهم جميعا وعدتها أربعمائة ألف سهم كما تقدم، ولم تعارض الحكومة الفرنسية في عقد هذه الصفقة مع الحكومة الإنجليزية؛ لأنها كانت محتاجة إلى تأييدها أمام هجمات بسمارك ومحتاجة إلى معونتها والاشتراك معها في القناة؛ دفعا لمناوراتها السياسية والاقتصادية حولها وحول غيرها من المرافق الكبرى، فأوعز دوق ديكاز
Dicaze
إلى البيت الفرنسي بكف يده عن المسألة، وقدم الصفقة هدية إلى دزرائيلي فبادر هذا إلى اغتنام الفرصة ولم ينتظر إذن البرلمان بعد عودته إلى العمل من إجازة الخريف، وأسعفه روتشيلد بالمبلغ المطلوب وهو أربعة ملايين وتمت الصفقة في نوفمبر سنة 1875. •••
بعد هذه الصفقة لم يحدث شيء ذو بال يتعلق بالقناة غير اتفاق الدول في سنة 1888 على حيدة القناة، وقد وقع على هذا الاتفاق مندوبو إنجلترا وألمانيا وروسيا وفرنسا والنمسا والمجر وإيطاليا وهولندة وتركيا. وصرحت إنجلترا بأنها لا تتقيد بهذا الاتفاق أثناء احتلالها العسكري للبلاد المصرية إلا بشرط يقضي بتعيين لجنة دولية لتنفيذ الميثاق عند تهديد سلامة القناة، وأعلنت في المادة السادسة أنها تقر معاهدة 29 أكتوبر سنة 1888 وتعمل على تنفيذها.
وعلى الرغم من هذه الحيدة «المضمونة» وهذا العهد المكفول بموافقة ثماني دول، فقد استخدمت القناة في الحرب الروسية اليابانية (1904-1905) لشل حركات الأسطول الروسي المعروف بأسطول البحر البلطي، وقد كان أقوى عدة للروس في حروب البحر، وكان تعويلهم عليه أكبر من تعويلهم على السكة الحديد في سيبيريا لكسب الحرب البرية. وجلية الأمر أن «المصادفات» كما قالت صحافة إنجلترا يومئذ قد انتظرت إلى أن وصل الأسطول الروسي إلى مدخل القناة فأغرقت - أي المصادفات - سفينة عابرة وسط القناة وتعطل مرور السفن إلى أن سمحت المصادفات أيضا بغلبة اليابانيين على الروس في الشرق الأقصى، فأزيلت السفينة الجانحة عن الطريق، ووصل الأسطول إلى مقصده بعد فوات الأوان. •••
وأهم ما حدث بعد معاهدة الحيدة وحادث الأسطول البلطي أن شركة القناة أرادت بعد الاتفاق الودي بين إنجلترا وفرنسا بفترة وجيزة، أن تمد أجل الامتياز أربعين سنة بعد انتهائه في 17 نوفمبر سنة 1968، وعرضت على مصر في مقابلة ذلك أن تقسم الأرباح مناصفة بين الحكومة والشركة، وأن تدفع الشركة إلى الحكومة أربعة ملايين من الجنيهات على أربعة أقساط تبتدئ من سنة 1910 وتنتهي في سنة 1913 وتنزل الحكومة من أجل ذلك عن أرباحها - وهي خمسة عشرة في المائة من جملة الأرباح - ابتداء الأجل الجديد.
وقد كان الزعيم الخالد «سعد زغلول باشا» وزيرا يومئذ في الوزارة فاشترط للدفاع عن الاقتراح أمام الجمعية العمومية أن يكون رأيها قاطعا في قبوله أو رفضه، ووافقت دار المندوب البريطاني على هذا الشرط لأنها لم تشأ - بعد الاتفاق الودي بينها وبين فرنسا - أن تصدمها برفض الاقتراح، فرأت في إحالة المسألة إلى الجمعية العمومية مخلصا من المشكلة كلها، وكان الرأي العام في مصر متجها إلى رفض الاقتراح؛ كراهة منه لذكرى القناة وعقابيل القناة. •••
في خلال هذه السنين تضخمت السفن وتعذر مرور بعضها من القناة فوسعت وعمقت بين سنة 1885 وسنة 1889 حتى بلغ عرضها خمسة وستين مترا أو خمسة وسبعين مترا على حسب المواقع في الأماكن المستقيمة وثمانين مترا في الأماكن المنحنية وبلغ عمقها تسعة أمتار. وبعد الإصلاحات التي تمت في سنة 1933 أصبحت القناة تتسع للسفن التي حمولتها خمسة وأربعون ألف طن.
وقد بنيت بعد الحرب العالمية الأولى مدينة بورفؤاد على الضفة الشرقية أمام بورسعيد، وأقيمت على القناة بعد نشوب الحرب العالمية الثانية قنطرة للسكة الحديدية تصل بين القاهرة وبيروت.
ولم تزل إنجلترا تسعى عند دول البحر الأبيض المتوسط حتى اعترفت لها فرنسا وإيطاليا بأهمية القناة العسكرية بالنسبة إلى مركز إنجلترا في الهند وما وراءها، ونصت المادة الثامنة من المعاهدة المصرية الإنجليزية (1936) على إبقاء قوة بريطانية بجوار القناة للدفاع عنها ريثما يستقل الجيش المصري بهذه المهمة.
Bog aan la aqoon