Weerarkii Iskandariya
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Noocyada
واشتهرت مسألة أخرى باسم مسألة «تريكو»؛ لأن القنصل الفرنسي «تريكو» أضرب عن الحكم على أحد من رعايا فرنسا بحق من الحقوق بالغا ما بلغ من ثبوته للرعايا اليونانيين، لأن قنصل اليونان كان يحابي رعاياه في قضاياهم مع الأجانب الآخرين.
وحدث غير مرة أن يتعدد أصحاب المصالح وتتعدد حكوماتهم، فيصدر الحكم من كل قنصلية مناقضا لأحكام القنصليات الأخرى وتقف الحكومة حائرة بين أحكام متعددة كلها واجبة النفاذ وكلها مقرونة بالتهديد الذي لا بد منه في كل شأن من شئون الامتيازات.
لهذا استجابت الدول إلى رجاء الحكومة المصرية في توحيد القضاء وإنشاء المحاكم المختلطة، وصنعت الرشوة أحيانا ما لم تصنعه الحجة ولم تنفع فيه مصالح الأجانب والوطنيين. ومن الوثائق المحفوظة وثيقة بين الخديو إسماعيل وبين سفيره غير الرسمي إبراهام بك، ومدار هذه الوثيقة على تسليم السياسي الروسي المشهور «أجناتييف» عشرين ألف جنيه جزاء له على وساطته في استجابة ذلك الرجاء!
4 •••
كانت هذه الامتيازات في مبدئها منحة من الحكومات الشرقية لرعايا الدول الأوروبية تيسيرا لرحلتهم ومقامهم في الأرض المقدسة، وقد بدأت في أيام الحروب الصليبية لهذا الغرض، ثم توسع فيها السلطان «سليمان القانوني»؛ ترغيبا للتجار من جميع الأمم في تبادل التجارة مع بلاده، ومنعا لانتقال التجارة من طريق الشرق الأوسط إلى طريق رأس الرجاء بعد دخول البرتغاليين في مضمار الرحلات وتحول التجارة من أيدي أهل البندقية وجنوة في البحر الأبيض إلى البرتغاليين والإنجليز في البحار الغربية. وكانت الدولة العثمانية في أوج قوتها حين سخا سلاطينها بهذه المنح الكريمة على سبيل الإنعام والتشجيع، فلما ضعفت بعد قوة، وذلت بعد عزة، عرفت تلك المنح السخية باسم «شروط التسليم»؛ كأنها فرضت على الدول الشرقية في ميدان قتال، وهم يعرفون هذه الشروط أو هذه الامتيازات بأنها عقود بين الدول المسيحية وغير المسيحية، أو بين الدول المتقدمة والدول المتأخرة؛ لضمان العدل في معاملة الأجانب بشرائع الحضارة، ويطلبون هذا الضمان أحيانا من دول غير مسلمة كالصرب ورومانيا والصين واليابان.
إلا أن الواقع كما تقدم من شهادات الساسة الأوروبيين أن هذه الامتيازات لم تكن لازمة لحماية أحد يستحق الحماية، بل كانت في غالب أمرها حماية للبغاة والعيارين في وجه الشريعة ووجه الآداب والأخلاق، ولم تكن صناعة الحضارة الأوروبية في مهمتها هذه أشرف من صناعة حراس الليالي الذين تعودت مواخير اللهو والفساد أن تقيمهم على أبوابها لدفع الشرطة واجتلاب الرواد. وأسوأ ما توصم به حضارة أن تحمي الفساد وتنافس حراس الليالي في مهمتهم، وهي تتحدث بشرائع العدل والحضارة، وتهدم ما بنته الأديان والأخلاق!
إنجلترا وفرنسا
بدأ القرن التاسع عشر وإنجلترا وفرنسا - كما يقال - فرسا رهان في حلبة الاستعمار، وكانت أزمة السياسة الدولية في أيديهما تتنازعانها في أكثر الأوقات وتنفقان عليها حينا بعد حين. وقد كادت أزمة السياسة الدولية عند مفتتح القرن التاسع عشر تنحصر في أيديهما؛ لأن إنجلترا كانت يومئذ أقوى دول البحار، وفرنسا كانت أقوى الدول البرية في القارة الأوروبية. وكلتاهما تتجه إلى البحر الأبيض المتوسط وطرق المواصلات بين الشرق والمغرب. لأن إنجلترا ملكت الهند وأصبح من همها أن تحرس الطرق بين هذه المستعمرة الشاسعة وبين الجزر البريطانية، وفرنسا قد انهزمت في سياستها الهندية فأصبحت - مع رغبتها القديمة في السيادة على البحر الأبيض ودعواها التقليدية في حماية البقاع المقدسة - شديدة الطمع في تعويض خسارة الهند واغتنام الفرصة لانتزاع الهند كلها من أيدي بريطانيا العظمى، أو إضعاف قبضتها عليها.
وكانت الدولة العثمانية قد دخلت في دور الانحلال الذي سماها الساسة الأوروبيون من أجله بالرجل المريض في أوربة
The sick Man of Europe
Bog aan la aqoon