Darajat Sitt
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Noocyada
تشير القمة الموجودة في منتصف الشكل
3-3
إلى مكان السلوك المثير للاهتمام؛ على يسار هذه القمة، ومع زيادة قيمة ألفا، ترتبط الأجزاء سريعا معا، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة كبيرة في طول المسار الظاهر. يكبر العالم حجما، لكنه يفعل ذلك لأن المكونات التي كانت منعزلة في السابق تبدأ في الاتصال بعضها ببعض. من الصعب الوصول إلى الناس في المتوسط، لكن يمكن الوصول إلى المزيد منهم مع الوقت. أما على يمين القمة، فتتصل جميع مكونات الشبكة في كيان واحد، وتبدأ أطوال المسارات المتوسطة في الانخفاض سريعا مع ازدياد عشوائية قاعدة التفاعل، أما القمة نفسها، فهي نقطة حرجة؛ أي تحول طوري يشبه كثيرا ذلك الذي تناولناه عند الحديث عن الرسوم البيانية العشوائية، والذي يصبح عنده كل فرد متصلا، لكن طول المسار النموذجي بين الأزواج من الأفراد يكون كبيرا للغاية. أعلى هذه القمة، في شبكة تتكون من مليون شخص مثلا يمتلك كل منهم مائة صديق، يكون طول المسار بالآلاف، ومن الواضح أن الشبكة التي يبتعد فيها المرء عن الرئيس بآلاف الدرجات تتناقض على نحو صريح مع مفهوم العالم الصغير، لكن - وهذا مهم - هذه الصورة من العالم غير مستقرة بطبيعتها. وما إن يبدأ التحول الطوري، وتصير الشبكة متصلة بوجه عام، حتى يبدأ متوسط طول المسار في الهبوط بحدة، ليقترب سريعا من أدنى حد له، ومع الغموض الذي اكتنف الأمر في ذلك الوقت، كان ذلك الانخفاض السريع على نحو مدهش في الطول حاسما كما اتضح.
أظهر معامل التكتل أيضا مسارا غير متوقع، وذلك من خلال الارتفاع، أولا، لأقصى حد له عند وصول ألفا إلى قيمة منخفضة، ثم الهبوط سريعا أيضا، شأنه شأن متوسط طول المسار، لكن الأمر الأكثر إثارة كان موقع هذا التحول بالنسبة إلى التحول المكافئ في طول المسار؛ فنظرا لتوقعنا، من ناحية، رسوما بيانية شديدة التكتل ذات أطوال مميزة كبيرة، ورسوما بيانية ضعيفة التكتل ذات أطوال مميزة قصيرة من ناحية أخرى، فقد توقعنا أن يتوافق تحول كلا النوعين من الإحصائيات أيضا أحدهما مع الآخر، لكن بدلا من ذلك - كما يوضح الشكل
3-4 - بدأ الطول في الانخفاض في الوقت الذي كان التكتل يصل فيه إلى قيمته القصوى.
افترضنا في بادئ الأمر أن ثمة خطأ ما في الكود، لكن بعد فحص متأن وتفكير عميق، أدركنا أن ما كان نصب أعيننا هو في الواقع ظاهرة العالم الصغير التي كنا نبحث عنها. اشتمل العالم الذي حدده نموذجنا على نظام تعكس فيه الشبكات تكتلا محليا قويا للكهوف غير المتصلة فيما بينها، لكنها متشابكة بحيث يمكن الوصول إلى أي نقطة تلاق من خلال أي نقطة أخرى في بضع خطوات فحسب في المتوسط، وقد أطلقنا على هذه الفئة من الشبكات اسم «شبكات العالم الصغير»، وهو الاسم الذي قد لا يكون أكثر التصنيفات العلمية دقة، لكنه يتمتع بمزية كونه جذابا. حظيت شبكات العالم الصغير منذ ذلك الحين بالكثير من الاهتمام، وفي حين غفل تماما عن نموذج ألفا الأصلي في مكان ما بين كل هذا الصخب، فلا يزال هذا النموذج قادرا على تعليمنا بعض الأمور عن العالم.
شكل 3-4: مقارنة بين طول المسار (ط) ومعامل التكتل (م). تمثل المنطقة بين المنحنيين، حيث يكون (ط) صغيرا، و(م) كبيرا (الجزء المظلل)، وجود شبكات العالم الصغير.
أول ما يخبرنا به النموذج ألفا هو إما أن العالم سيتجزأ إلى الكثير من التكتلات الصغيرة، كالكهوف المنعزلة، أو سيتصل في صورة مكون واحد ضخم يمكن لأي شخص الاتصال بالآخر فعليا في إطاره. ليس من الممكن، على سبيل المثال، وجود مكونين كبيرين أو حتى مجموعة صغيرة من المكونات الكبيرة يقسم فيما بينها العالم بالتساوي. قد تبدو هذه النتيجة مدهشة؛ لأن العالم يبدو عادة مقسما عبر الحدود الجغرافية أو الأيديولوجية أو الثقافية إلى عدد صغير من الطوائف المتباينة؛ الشرق والغرب، الأسود والأبيض، الغني والفقير، اليهودي والمسيحي والمسلم. ومع أن هذه الانقسامات قد توجه أفكارنا، ومن ثم تؤثر على أفعالنا بطرق هامة، فإن ما يخبرنا به النموذج ألفا هو أنها لا تنطبق على الشبكة نفسها، فنحن إما متصلون اتصالا وثيقا، أو غير متصلين على الإطلاق، ما من وسط بين هذا وذاك.
بالإضافة إلى ذلك، اتضح أن حالة الاتصال الوثيق يزيد احتمال حدوثها بكثير عن حالة الانقسام الشديد. ويجب أن نتذكر هنا أن المتغير ألفا يمثل توازنا بين قيود البنية الاجتماعية وحرية فاعلية الفرد. من الصعب حاليا تفسير طبيعة ألفا كمتغير؛ لذا من غير الواضح بالضبط ما يعنيه تحديد قيمة معينة له في العالم الواقعي، ومع ذلك، ما إن نتعرف أكثر على الشبكات حتى يتضح أن أي زيادة ولو طفيفة في الفاعلية سيكون لها أثر كبير، وتكون النتيجة أن العالم الذي نعيش فيه يقع بشكل شبه مؤكد على يمين القمة الموجودة في الشكل
3-4 ، مما يعني ضمنا أن كلا منا يمكن أن يتصل بأي شخص آخر. ويعبر النموذج، في الواقع، عما هو أكثر من ذلك؛ فنظرا لأن الانخفاض على الجانب الأيمن من القمة يكون سريعا للغاية، فليس من المرجح فقط أن يتصل العالم بشكل عام، لكن الأمر شبه المؤكد هو أن العالم صغير، بمعنى أن كل فردين تقريبا يمكن أن يتصل أحدهما بالآخر عن طريق سلسلة قصيرة من الوسطاء. قد تثير هذه النتيجة دهشة الكثيرين، فنحن نقضي القدر الأكبر من حياتنا نتفاعل مع مجموعة صغيرة نسبيا من الأفراد - الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل - الذين يشبهوننا كثيرا في أغلب الأحيان، بل إن الأفراد الذين يتمتعون بالثقافة والتميز يمكن أن يشعروا بالانعزال داخل مجتمعاتهم الصغيرة، وقد لا يزعجهم هذا الأمر، لكن يظل يراودهم شعور يستحيل التغلب عليه بابتعادهم عن الغالبية العظمى من العالم، والمختلفة تماما عن النسبة الضئيلة نسبيا من الأشخاص الذين يعرفونهم بالفعل. كيف إذن نكون متصلين بالفعل، على الرغم من وجود هذا الإدراك (الواقعي تماما)؟
Bog aan la aqoon