أَصْحَابه وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث كَانَ آخر قولي أَحْمد على أَنه لَا يرى بذبائحهم بَأْسا
وَمن الْعلمَاء من رجح قَول عَليّ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَأحمد إِنَّمَا اخْتلف اجْتِهَاده فِي بني تغلب وهم الَّذين تنَازع فيهم الصَّحَابَة فَأَما سَائِر الْيَهُود وَالنَّصَارَى من الْعَرَب مثل تنوخ وبهراء وَغَيرهمَا من الْيَهُود فَلَا أعرف عَن أَحْمد فِي حل ذَبَائِحهم نزاعا وَلَا عَن الصَّحَابَة وَلَا عَن التَّابِعين وَغَيرهم من السّلف وَإِنَّمَا كَانَ النزاع بَينهم فِي بني تغلب خَاصَّة وَلَكِن من أَصْحَاب أَحْمد من جعل فيهم رِوَايَتَيْنِ كبني تغلب والحل مَذْهَب الْجُمْهُور كَأبي حنيفَة وَمَالك وَمَا أعلم لِلْقَوْلِ الآخر قدوة من السّلف
ثمَّ هَؤُلَاءِ المذكورون من أَصْحَاب أَحْمد قَالُوا بِأَنَّهُ من كَانَ أحد أَبَوَيْهِ غير كتابي بل مجوسيا لم تحل ذَبِيحَته ومناكحته نِسَائِهِ وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي فِيمَا إِذا كَانَ الْأَب مجوسيا وَأما الْأُم فَلهُ فِيهَا قَولَانِ فَإِن كَانَ الأبوان مجوسيين حرمت ذَبِيحَته عِنْد الشَّافِعِي وَمن وَافقه من أَصْحَاب أَحْمد وَحكي ذَلِك عَن مَالك وغالب ظَنِّي أَن هَذَا غلط على مَالك فَإِنِّي لم أَجِدهُ فِي كتب أَصْحَابه وَهَذَا تَفْرِيع على الرِّوَايَة المخرجة عَن أَحْمد فِي سَائِر الْيَهُود وَالنَّصَارَى من الْعَرَب
وَهَذَا مَبْنِيّ على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ فِي نَصَارَى بني تغلب وَهِي الرِّوَايَة الَّتِي اخْتَارَهَا هَؤُلَاءِ فَأَما إِذا جعل الرِّوَايَتَيْنِ فِي بني تغلب دون غَيرهم من الْعَرَب أَو قيل أَن النزاع عَام وفرعنا على القَوْل بِحل ذَبَائِح بني تغلب وَنِسَائِهِمْ كَمَا هُوَ قَول الْأَكْثَرين فَإِنَّهُ على هَذِه الرِّوَايَة لَا عِبْرَة بِالنّسَبِ بل لَو كَانَ الأبوان جَمِيعًا مجوسيين أَو وثنيين وَالْولد من أهل الْكتاب فَحكمه حكم أهل الْكتاب على هَذَا القَوْل بِلَا ريب كَمَا صرح بذلك الْفُقَهَاء من أَصْحَاب أَحْمد وَأبي حنيفَة وَغَيرهم
وَمن ظن من أَصْحَاب أَحْمد وَغَيرهم أَن تَحْرِيم نِكَاح من أَبَوَاهُ مجوسيان أَو أَحدهمَا مَجُوسِيّ قَول وَاحِد فِي مذْهبه فَهُوَ مخطىء خطأ لَا ريب فِيهِ لِأَنَّهُ لم يعرف أصل النزاع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَلِهَذَا كَانَ من هَؤُلَاءِ من يتناقض فَيجوز أَن يقر بالجزية من دخل فِي دينهم بعد النّسخ والتبديل وَيَقُول مَعَ هَذَا بِتَحْرِيم نِكَاح نَصْرَانِيّ الْعَرَب مُطلقًا وَمن كَانَ أحد أَبَوَيْهِ غير كتابي كَمَا فعل ذَلِك طَائِفَة من أَصْحَاب أَحْمد وَهَذَا تنَاقض
وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَإِن كَانَ قد قَالَ هَذَا القَوْل هُوَ وَطَائِفَة من أَتْبَاعه فقد رَجَعَ عَن هَذَا القَوْل فِي الْجَامِع الْكَبِير وَهُوَ آخر كتبه فَذكر فِيمَن انْتقل إِلَى دين أهل الْكتاب من عَبدة الْأَوْثَان كالروم وقبائل من الْعَرَب وهم تنوخ وبهراء وَمن بني تغلب هَل تجوز مناكحتهم وَأكل ذَبَائِحهم وَذكر أَن الْمَنْصُوص عَن أَحْمد أَنه لَا بَأْس بِنِكَاح نَصَارَى بني تغلب وَأَن الرِّوَايَة الْأُخْرَى مخرجة على الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ فِي ذَبَائِحهم وَاخْتَارَ أَن الْمُنْتَقل إِلَى دينهم حكمه حكمهم
2 / 18