177

Daqiiqadda Tafsirka

دقائق التفسير

Baare

د. محمد السيد الجليند

Daabacaha

مؤسسة علوم القرآن

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٤

Goobta Daabacaadda

دمشق

قَول من يَقُول إِن الله لم يقم بِذَاتِهِ كَلَام وَلِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّة كَلَام الله من الله لَيْسَ ببائن عَنهُ وَذكرنَا اخْتِلَاف المنتسبين إِلَى السّنة هَل يتَعَلَّق الْكَلَام بمشيئته وَقدرته أم لَا وَقَول من قَالَ من أَئِمَّة السّنة لم يزل الله متكلما إِذا شَاءَ وَأَن قَول السّلف مِنْهُ بَدَأَ لم يُرِيدُوا بِهِ أَنه فَارق ذَاته وَحل فِي غَيره فَإِن كَلَام الْمَخْلُوق بل وَسَائِر صِفَاته لَا تُفَارِقهُ وتنتقل إِلَى غَيره فَكيف يجوز أَن يُفَارق ذَات الله كَلَامه أَو غَيره من صِفَاته بل قَالُوا مِنْهُ بَدَأَ أَي هُوَ الْمُتَكَلّم بِهِ ردا على الْمُعْتَزلَة والجهمية وَغَيرهم الَّذين قَالُوا بَدَأَ من الْمَخْلُوق الَّذِي خلق فِيهِ وَقَوْلهمْ إِلَيْهِ يعود أَي يسري عَلَيْهِ فَلَا يبْقى فِي الْمَصَاحِف مِنْهُ حرف وَلَا فِي الصُّدُور مِنْهُ آيَة وَالْمَقْصُود هُنَا الْجَواب عَن مسَائِل السَّائِل فصل وَأما قَول الْقَائِل أَنْتُم تعتقدون أَن مُوسَى سمع كَلَام الله مِنْهُ حَقِيقَة من غير وَاسِطَة وتقولون أَن الَّذِي تسمعونه كَلَام الله حَقِيقَة وتسمعونه من وَسَائِل بِأَصْوَات مُخْتَلفَة فَمَا الْفرق بَين ذَلِك فَيُقَال لَهُ بَين هَذَا وَهَذَا من الْفرق أعظم مِمَّا بَين الْقدَم وَالْفرق فَإِن كل عَاقل يفرق بَين سَماع كَلَام النَّبِي ﷺ مِنْهُ بِغَيْر وَاسِطَة كسماع الصَّحَابَة مِنْهُ وَبَين سَمَاعه مِنْهُ بِوَاسِطَة المبلغين عَنهُ كَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وكل من السامعين سمع كَلَام النَّبِي ﷺ حَقِيقَة وَكَذَلِكَ من سمع شعر حسان بن ثَابت أَو عبد الله بن رَوَاحَة أَو غَيرهمَا من الشُّعَرَاء مِنْهُ بِلَا وَاسِطَة وَمن سَمعه من الروَاة عَنهُ يعلم الْفرق بَين هَذَا وَهَذَا وَهُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ شعر حسان لَا شعر غَيره وَالْإِنْسَان إِذا تعلم شعر غَيره فَهُوَ يعلم أَن ذَلِك الشَّاعِر أنشأ مَعَانِيه ونظم حُرُوفه بأصواته الْمُقطعَة وَإِن كَانَ الْمبلغ يرويهِ بحركة نَفسه وأصوات نَفسه فَإِذا كَانَ هَذَا الْفرق معقولا فِي كَلَام المخلوقين بَين سَماع الْكَلَام من الْمُتَكَلّم بِهِ ابْتِدَاء وسماعه بِوَاسِطَة الرَّاوِي عَنهُ أَو الْمبلغ عَنهُ فَكيف لَا يعقل ذَلِك فِي سَماع كَلَام الله وَقد تقدم أَن من ظن أَن المسموع من الْقُرَّاء هُوَ صَوت الرب فَهُوَ إِلَى تَأْدِيب المجانين أقرب مِنْهُ إِلَى خطاب الْعُقَلَاء وَكَذَلِكَ من توهم أَن الصَّوْت قديم أَو أَن المداد قديم فَهَذَا لَا يَقُوله ذُو حس سليم بل مَا بَين لوحي الْمُصحف كَلَام الله وَكَلَام الله ثَابت فِي مصاحف الْمُسلمين لَا كَلَام غَيره فَمن قَالَ إِن الَّذِي فِي الْمُصحف لَيْسَ كَلَام الله بل كَلَام غَيره فَهُوَ ملحد مارق وَمن زعم أَن كَلَام الله فَارق ذَاته وانتقل إِلَى غَيره كَمَا كتب فِي الْمَصَاحِف أَو أَن المداد قديم أزلي فَهُوَ أَيْضا ملحد مارق بل كَلَام المخلوقين يكْتب فِي الأوراق وَهُوَ لم يُفَارق ذواتهم

2 / 188