وَضرب الذلة عَلَيْهِم أَيْنَمَا ثقفوا ومباؤهم بغضب من الله الْآيَة وَمَا ذكر مَعَه من قتل الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق وعصيانهم واعتدائهم كَانَ الْيَهُود متصفين بِهِ قبل مبعث مُحَمَّد ﷺ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة ﴿وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نصبر على طَعَام وَاحِد فَادع لنا رَبك يخرج لنا مِمَّا تنْبت الأَرْض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قَالَ أتستبدلون الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خير اهبطوا مصرا فَإِن لكم مَا سَأَلْتُم وَضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذَلِك بِأَنَّهُم كَانُوا يكفرون بآيَات الله وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر الْحق ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون﴾ ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ﴾
فتناولت هَذِه الْآيَة من كَانَ من أهل الْملَل الْأَرْبَع متمسكا بهَا قبل النّسخ بِغَيْر تَبْدِيل كَذَلِك آيَة آل عمرَان لما وصف أهل الْكتاب بِمَا كَانُوا متصفا بِهِ أَكْثَرهم قبل مُحَمَّد ﷺ من الْكفْر قَالَ ﴿لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويسارعون فِي الْخيرَات وَأُولَئِكَ من الصَّالِحين﴾
وَهَذَا يتَنَاوَل من كَانَ متصفا مِنْهُم بِهَذَا قبل النّسخ فَإِنَّهُم كَانُوا على الدّين الْحق الَّذِي لم يُبدل وَلم ينْسَخ كَمَا قَالَ فِي الْأَعْرَاف ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ ﴿وقطعناهم فِي الأَرْض أمما مِنْهُم الصالحون وَمِنْهُم دون ذَلِك وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ والسيئات لَعَلَّهُم يرجعُونَ فخلف من بعدهمْ خلف ورثوا الْكتاب يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا وَإِن يَأْتهمْ عرض مثله يأخذوه ألم يُؤْخَذ عَلَيْهِم مِيثَاق الْكتاب أَن لَا يَقُولُوا على الله إِلَّا الْحق ودرسوا مَا فِيهِ وَالدَّار الْآخِرَة خير للَّذين يَتَّقُونَ أَفلا تعقلون وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب وَأَقَامُوا الصَّلَاة إِنَّا لَا نضيع أجر المصلحين﴾ وَقد قَالَ تَعَالَى مُطلقًا ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾
1 / 318