Damiir: Hordhac Gaaban oo Aad u Gaaban
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
بوسعنا تكوين ملاحظات مشابهة من الأعمال الكلاسيكية الإنجليزية التي ترجع للقرون الوسطى والتي تتناول موضوع الضمير. ويوحي العنوان المثير «الإزعاج المتكرر للضمير» بنوع من الإحساس بالذنب ينبع من الذات، لكن متن النص يتكون من سرد للملامح الخارجية والمتفق عليها للتوبة والتي يمكن لجميع المسيحيين أن يعتمدوا عليها في تنظيم حياتهم، وهي: وصايا الله والخطايا السبع المميتة وما يتفرع منها وقوانين الحياة التقية والصلاة الربانية والفضائل الأساسية وممارسة الاعتراف. وينشأ الضمير عرضا بوصفه نتيجة ثانوية لممارسة الاعتراف على نحو سليم، وعندئذ يقيم النادم تجربته طبقا للمعتقدات العامة للكنيسة؛ ومن ثم يشعر بالأسف الشديد و«غالبا ما يبلل وسادته بدموعه». وعلى الرغم من ذلك العنوان الذي يتضمن حسا صحفيا، فإن قصيدة «وخز الضمير» التي كتبت في القرن الرابع عشر أو الخامس عشر لا تعد تحليلا للضمير الفردي أو الشخصي قدر ما هي بحث في العقيدة المعروفة بالإجماع (الخوف من الموت والجحيم والمطهر وعلامات يوم القيامة والحساب ومكافآت السماء). ولم يذكر الضمير سوى عرضا في القصيدة، مرة بوصفه أحد المتهمين الخمسة عشر (إلى جانب الشياطين والملائكة والشهداء وما إلى ذلك) الذين يحضرون للشهادة ضد الأشرار يوم الحساب، ومرة أخرى بوصفه أحد أنواع الآلام الأربعة عشر في الجحيم (بالإضافة إلى البرد والجوع وما إلى ذلك). وكالعادة سوف يسبب الضمير مضايقة خاصة فريدة من نوعها - مثل «الإزعاج» و«العض كالحيوانات الضارة» - لكن مضمونه مشترك على مستوى العالم وليس خاصا بالفرد النادم وحده.
لا أرغب بالطبع في إطلاق أحكام عامة غير ذات جدوى عن العصور الوسطى بوصفها حقبة من العقيدة التوحيدية؛ وذلك لأن الضمير في العصور الوسطى كان مفهوما متحركا شديد المرونة، وحتى إذا كان الشكل الذي تتخذه نصائحه قابلا للتنبؤ به عموما، فما زالت هناك كل الموضوعات المألوفة والمتعارضة الخاصة بالتطبيق العملي. ويمكننا إيضاح عمق التفكير في مسألة الضمير في العصور الوسطى وتنوعه عن طريق أحد أهم القصائد التي ترجع للقرن الرابع عشر والتي كتبها ويليام لانجلاند بعنوان «الفلاح بيرس»، وهي قصيدة رمزية، تدعى الشخصية المحورية فيها باسم ويل، وهو شخص تواجهه صعوبات وتحديات خاصة بالتمييز والاختيار. وتمثل العديد من شخصيات القصيدة بما فيها الضمير (وهو الشخصية الوحيدة التي تظهر خلال معظم أجزاء القصيدة) صفات تقع داخل عقل ويل وخارجه. ويتفاعل الضمير - الذي أصبح الآن مذكرا، فهو في حالة تغيير دائم للنوع - مع ويل بعدة طرق بعضها أكثر تعقيدا من أن يعرض بالتفصيل هنا. وتعد مسئوليته الأساسية إلقاء المواعظ والمحاضرات على ويل حول أمور العقيدة التي يجب أن يعلمها وينفذها في سلوكه الشخصي. ومن ثم فإن نصيحته تتكون في الأساس من أمور معروفة: أمور يجب على كل مسيحي أن يعلمها، وعلى ويل أن يضبط حياته وسلوكه طبقا لها. ويصور الضمير في القصيدة بطرق متنوعة، فهو تارة حارس وتارة أخرى مستشار ودليل، أما رفيقه الدائم: «العقل» فهو يشجعه ويسهل له مهمته.
لكننا لا نستطيع اعتبار الضمير في القصيدة شخصية ثنائية الأبعاد، حيث يكمن جزء من أهميته في موقفه داخل عقل ويل وخارجه، فهو صوت في رأس ويل وفي الوقت ذاته شخصية مؤثرة في العالم. والطبيعة الرسمية والعامة لواجباته تؤكدها قدراته وألقابه المختلفة: فهو مستشار ودليل ويشغل منصب مسئول أمن قلعة الوحدة. وقد قادته تلك المشاركات الدنيوية إلى صعوبات متكررة. ولما كان مجبرا على اتخاذ قرارات في عالم معرض للفضح، فإنه يكشف الأخطاء التي كانت في ظروف أخرى لتمر دون أن يلاحظها أحد. وفي القصيدة، يعد الضمير قائمة مريبة بالمدعوين لحفل عشاء تضم حامل دكتوراه في اللاهوت يتسم بالغرور، وفي نهاية الأمر يحتاج إلى ترتيب أفكاره والاسترخاء فينصرف عن ضيوفه؛ ونراه في نهاية القصيدة محاصرا بأعداء خارجيين، وعلى الرغم من التحذيرات فإنه يرتكب الخطأ الكارثي المتمثل في السماح للرهبان بدخول قلعة الوحدة. وتوحي نهاية القصيدة بأنه قد يكون أفضل حالا إذا رفض بعض المهام الموكلة إليه وشق طريقه في الحياة بطريقة أقل جمودا كأنه عابر سبيل ورحالة في العالم. لكن في القصيدة كما هي بين أيدينا، فالضمير لا خيار لديه سوى الصراع مع بدائل معيبة بينما يقوم بمسئولياته العليا بوصفه حكما للإجماع المسيحي.
وهكذا فإن الضمير في قصيدة لانجلاند يثير قضايا ثابتة تتعلق بالتفسير والتطبيق، لكن على الرغم من أن الضمير قد يهزم مؤقتا أو يخطئ في أمور تتعلق بخيار محدد، فإنه لا يرتكب خطأ عقائديا صريحا أبدا ولا يدافع عن الآراء المنحرفة أو الشاذة التي تتشكل خارج الكنيسة. ويقر القديس توما الأكويني وبعض المحللين الآخرين بإمكانية وجود ضمير مهرطق أو مذنب، لكن في معظم التطبيقات اليومية يظل الضمير في القرون الوسطى أورثوذكسيا وحسن النية.
لكن الفكرة الحديثة المألوفة القائلة إن الضمير يمكنه مواجهة كل سلطة معروفة وحده لم تتبلور بعد. ويلزم لهذا التحول تصور وجود ضمير خاص داخلي يستطيع أن يضع نفسه في منافسة مع الضمير العام أو الرسمي. وغالبا ما يقترن هذا التحول باسم مارتن لوثر وصعود نجم البروتستانتية، لكن علاماته الأولى تظهر في أواخر العصور الوسطى، بل أيضا في النسخ الأحدث من قصيدة لانجلاند. وقد كتبت قصيدة «الفلاح بيرس» على مراحل منذ الستينيات وحتى الثمانينيات من القرن الرابع عشر، وتتضمن نسختها الأخيرة المعروفة باسم النص «ج» جزءا إضافيا يخصص فيه لشخصية ويل (الذي يرتبط الآن أكثر من ذي قبل بالمؤلف ويليام لانجلاند) ضمير شخصي بالإضافة إلى الضمير العام. والأكثر إثارة للاهتمام من ذلك أن ضميره الشخصي والآخر المجازي يدخلان في مجادلة، وفي ذلك المقطع يوجه كل من العقل والضمير الاتهام لويل بأنه يحيا حياة منغمسة في الملذات لا طائل منها. ويحدث هذا في مقطع أضيف إلى بداية القسم الخامس من القصيدة، حيث يعترض كل من العقل والضمير على الطرق المتكاسلة التي يتبعها ويل، ويرد ويل (على الضمير) قائلا: ... أنت تعلم ما كان المسيح [يتمنى] أن تكتبه في ضميري
صلوات رجل مثالي وتوبة متواصلة
هي العمل [الأعلى قيمة] الذي يرضي الله.
لا يتأثر الضمير بتفسير ويل القائل إن ضميره الشخصي يوافق على ممارساته المعتادة من التضرع للقديسين الأثرياء والتوبة من حين إلى آخر. وفي ذلك المقطع يفرض الضمير (بوصفه كيانا مشتركا أو جماعيا) نفوذه على ضمير ويل (أو إدراكه الشخصي للصواب والخطأ)، لكن حقيقة أن الضمير المؤسسي والضمير الشخصي قد يدخلان في مجادلة تعد تنبؤية على نحو ذي دلالة؛ فضمير ويل «الخاص» ليس لديه أي شيء مبتكر بشدة كي يدلي به؛ بل إن الضمير الجماعي في حقيقة الأمر يجد ملاحظاته (ملاحظات الضمير الخاص) عادية وسطحية وينحيها جانبا وهو غاضب، وبالطبع ينتصر الضمير الجماعي في نهاية الأمر. ومع ذلك فإن هذا الخلاف بين الضمير الخاص والعام ينذر بظهور وضع سوف يتكرر كثيرا في القرن الخامس عشر، ثم يصبح منتشرا في القرن السادس عشر عندما ينشأ فرق بين الضمير الفردي ورؤية الضمير بشكل أكثر شمولا وقبولا لدى العامة. وقد ينظر لهذا الفرق في قصيدة «الفلاح بيرس» التي كتبت في أواخر القرن الرابع عشر بوصفه مساحة تخيلية أو محتملة، أو ثغرة لم يملأها بعد ضمير شخصي أو إصلاحي بالفعل، لكن قد يتكون وينمو داخلها ضمير شخصي.
يظهر لجوء ويل للضمير الشخصي في موقف ينطوي على إكراه؛ إذ يجد ويل نفسه فيه تحت ضغط شديد من العقل والضمير الجماعي. وهو أمر مفهوم، فالشخصية التي تقع تحت ضغط من سلطة عليا - خاصة إذا كانت سلطة روحية أو دينية - تحتاج إلى ملجأ أو بديل، واللجوء إلى ضمير شخصي يفتح على الأقل مساحة صغيرة لحجة مضادة تتسم بالحكمة. وقد شهد القرن الرابع عشر والخامس عشر في إنجلترا وفي القارة بأكملها مضاعفة للتحديات الشخصية والعقائدية التي تواجه الكنيسة المؤسسية (وبعضها، كتلك التي واجهت لانجلاند، سعت إلى تعديل بسيط لممارساتها، والبعض الآخر قد ينظر إليه بوصفه نذيرا للسخط البروتستانتي في القرن السادس عشر). ويجد الأشخاص العالقون في هذه التحديات عزاء متزايدا في فكرة الضمير الشخصي عوضا عن الضمير الذي تراقبه المؤسسات.
وعلى الرغم من أن بعض الكتاب التقليديين في القرن الرابع عشر - مثل عالم اللاهوت الشهير والتر هيلتون والسياسي الحزبي توماس أوسك - يحتكمون إلى مفاهيم الضمير الشخصي، فإن المصدر الأقوى لذلك الاحتكام يوجد في كتابات عالم اللاهوت جون وايكليف وأتباعه اللولارديين (نسبة إلى لولارد أحد أتباع وايكليف). وقد أثار هؤلاء المنشقون دينيا في القرن الرابع عشر والخامس عشر عدة موضوعات سوف تصبح بارزة في الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر. ولما كان وايكليف تحت ضغط على كل الجبهات من السلطة الكنائسية بشأن موضوعات سوف تؤدي في نهاية الأمر إلى إدانته رسميا (وإلى نبش قبره وحرق جثته)، فقد نادى في الخطبة التاسعة والأربعين بأنه يحسن بالفرد المسيحي أن يحكم على الفضيلة بضميره الخاص بدلا من الاعتماد على آراء الآخرين، واستمر مؤكدا أن: المنبر الأخير للفضيلة «يكمن في ضميري الخاص». وكان نص هذه الخطبة - على نحو ذي دلالة - وفي ضوء التاريخ اللاحق على نحو تنبئي من رسالة الغلاطيين 6 : 5: «ليحمل كل فرد العبء الخاص به.»
Bog aan la aqoon