Damiir: Hordhac Gaaban oo Aad u Gaaban
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
وتصطف في مواجهة الأنا القوة التراكمية لكل أشكال التحريم والاستهجان التي تعرض لها الطفل خلال حياته؛ وهي بعبارة أخرى حالة حادة من عدم التكافؤ. ويستمر فرويد قائلا: «يعاني المرء من الصراع بين متطلبات الضمير ومتطلبات الأنا الفعلية في صورة الشعور بالذنب.» بمعنى آخر، فإن الأنا تشكل ذاتها أثناء عمليات التفاعل الاجتماعي، لكنها عرضة للهزيمة على يد الثقل والتنوع الذي تتميز به القيود والاتهامات التي يجب على الأنا أن تكافحها. ويمكن للمرء أن يفر إلى هذا الجزء من نفسه الذي يراقب الأنا ويحكم عليها ويجد العزاء فيه، لكن كل شيء له ثمن، وهذا الثمن يتمثل على الأقل في الانقسام الذاتي.
وتكمن إحدى طرق إعادة الاندماج المحتملة - وسوف أبتعد هنا عن استنتاجات فرويد الخاصة كي أفكر مليا في المواد التي عرضها على الناس - في الحقيقة القائلة إن قدرة الضمير على مراقبة الذات أو الأنا المثالية تتميز بالحديث بضمير الغائب «عن النرجسية». وهو أمر طبيعي إلى حد مقبول، فهو صوت مركب من كلمات ووجهات نظر خارج الموضوع، سواء أكانت تعتمد على صوت المنع الأبوي أو أصوات سلطوية أخرى سمعناها في حياتنا. (ويؤكد ميل في سيرته الذاتية أن الضمير كان يخاطبه بصوت والده، وليس ميل وحده من مر بهذه التجربة.) ولما كان صوت السلطة مترددا بين الذات والآخر كما فعل الضمير في حالة أوغسطين، فهو يخاطب صاحب الضمير بصيغة المخاطب أحيانا («يجب عليك» ...) ويتحدث بصيغة المتكلم («يجب علي» ...) أحيانا أخرى. ألا تلمح أثرا للاطمئنان والتبشير بالنجاح في اتخاذ الضمير صيغة المتكلم؟ قد يعتبر اتخاذ الضمير صيغة المتكلم تقدما في اتجاه نضج صاحب الضمير الذي أصبح مستعدا الآن لتضييق الفجوة بين الأنا والمتطلبات المفرطة للأنا المثالية أو القضاء عليها، بالإضافة إلى تحمل المسئولية الشخصية عن اختيارات المرء وأفعاله.
ولو نحينا تلك الأفكار جانبا، فإن فرويد يترك الأنا في مأزق خطر، حيث تبدو أنها غير قادرة على تحرير ذاتها من سيطرة الأنا المثالية التي «تستشيط غضبا من الأنا بقسوة شديدة» («الأنا والهو»)؛ مما يتسبب في شعور حتمي بالذنب. وينضم فرويد إلى دوستويفسكي ونيتشه في إظهار عمليات الضمير في علاقته بالذات بوصفها ورطة لا مفر منها أكثر مما هي مورد بشري حيوي.
بقاء الضمير
أثناء الهجوم على الضمير، نظرا لميله للانتقاد والشكوى واستيائه المتواصل من السلوك الذي يعلق عليه وموقفه غير القابل للترضية، لا يتورط هؤلاء النقاد للضمير في أي تفسير زائف له، فتلك هي خصائص الضمير الملحوظة منذ نشأته عند القصاص من المجرمين الرومان. ويأخذ نقاد الضمير إحدى نزعاته المميزة ويضعون لها تقييما مختلفا، حيث يقل اعتبارهم لها قوة لمعالجة الذات ويزيد اعتبارها نوعا من العقاب الذاتي غير الضروري. لكن حتى هؤلاء النقاد الصارمون يجدون أنه من الصعب إلغاء الضمير أو إقصاؤه، ففي نهاية الأمر يبدو أن كلا منهم يناقض نفسه جزئيا ويمنح الضمير احتراما على مضض.
وقد يكون أكثر التعليقات إثارة للدهشة تعليق فرويد بعد كل ما قاله كي يشوه سمعة الضمير (بالإضافة إلى مترادفاته المتمثلة في الأنا المثالية والأنا العليا) «علينا أن نعده - بالإضافة إلى الرقابة على الوعي واختبار الحقيقة - من ضمن المؤسسات العظيمة للأنا» («الحداد والسوداوية»). لكن كيف تتجلى تلك العظمة؟ وما وجه العظمة فيه؟ بلا ريب فإن فرويد يقترح أنه من بعض النواحي قد تصبح الأنا العليا ملاذا وملجأ من الأنا المهزومة المستعبدة حقا: «فعندما لا يقتنع المرء بذاته، يمكنه على الرغم من ذلك أن يجد الرضى في الأنا المثالية التي تختلف عن الأنا» («علم النفس الجماعي»). ويمكن للأنا العليا/الأنا المثالية/الضمير في ظل الظروف المناسبة أن تشكل قوة للتنظيم الذاتي وتقدير الذات المطلوبين، لكن توفير «منزل آمن» مؤقت للأنا المرهقة لا يكاد يبدي صفات العظمة، خاصة عندما يمكن اعتبار الأنا العليا المفرطة في الانتقاد أحد الأعداء الرئيسين لتقدير الأنا. ويمكننا العثور على تفسير أكثر إقناعا لعظمة الأنا العليا في كتاب فرويد الذي كتبه في أواخر حياته بعنوان «قلق في الحضارة» (1930)، والذي ينضم فيه الضمير للتسامي بوصفه إحدى الآليات النفسية التي يمكن للمرء من خلالها تقييد الرغبات الغريزية (أو الأنانية على نحو فطري) بطريقة تعزز مصلحة المجتمع بشكل عام، سواء أكان ذلك متعمدا أم لا. ولا يعني ذلك أن كبت الرغبة بواسطة الضمير لم يعد أمرا شاقا على الفرد، لكنه ينطوي على فائدة عارضة - أو لعلها أكثر من مجرد فائدة عارضة - للمجتمع. ويذهب فرويد بعيدا عند الإشارة إلى أن تطور الأنا العليا - مع كون الضمير حليفا لها والشعور بالذنب عقابا لتجاهل انتقاداتها - يمكن أن يكون مسعى للمجتمع بأكمله، وأن المجتمع بوسعه تطوير أنا عليا جماعية واستخدامها لتحقيق أهدافه الثقافية:
قد يمتد التشابه بين عملية التحضر ومسار التطور الفردي في ناحية مهمة، حيث يمكن التأكيد على أن المجتمع أيضا يطور الأنا العليا الخاصة به والتي يستمر التطور الثقافي تحت تأثيرها.
ويكتشف نيتشه - الذي تبدو سخريته من الضمير بوصفه عقابا مفروضا ذاتيا لا نهاية له، كما لو كانت لا تعرف حدودا أو تسويات - احتمالات إيجابية للضمير في بعض المواقف المدهشة في أعماله، فهو يذكر في مقالته ضد المسيحيين التي تحمل عنوان «المسيح الدجال» التعليقات المسيئة التي يتوقعها قارئه عن «تأنيب الضمير» بوصفه جزءا من «لغة الإشارة الخيالية للخصوصية الدينية الأخلاقية». لكنه يسمح لنفسه بتخيل ضمير طاهر مثالي ليس لديه نزعة للعقاب الذاتي الجبان، لكن للتهذيب والعقلانية والقيم المستنيرة (العلمية). ويدخل هذا الخطاب الفرعي في مقالته كما لو كان أمنية تبدو مهملة بأن يمتلك كانت «ضميرا عقلانيا» وافيا بدلا من إرباك العقل بتفسيرات أخلاقية قبلية. لكن مع تطور المقال، فإنه يقدم الضمير بوصفه أداة حيوية في إماطة اللثام عن أشكال النفاق الديني:
إننا نعلم - كما يعلم ضميرنا اليوم - قيمة تلك البدع الخارقة للطبيعة التي يخترعها القساوسة والكنيسة، وما الأهداف التي تخدمها في اختزال الجنس البشري إلى حالة من انتهاك الذات قد يثير منظرها الغثيان.
ودفاعا عن أولوية العلم على الدين، فهو يتوق إلى سيطرة «انضباط الروح والنقاء والصرامة في الأمور الروحية المتعلقة بالضمير وهدوء الروح النبيل وحريتها». وفي ذلك التصور، يصبح الضمير الحر العلماني حكما ومقررا حاسما مهما وأداة يلتمس من خلالها الوضوح الأخلاقي:
Bog aan la aqoon