ثم نظر إلى باسي نظرة هائلة ...
فارتعشت حنة وقالت مخاطبة باسي: ألعله يعرفك يا سيدي الكونت؟ - كلا ... يا سيدتي، فإن هذه هي المرة الأولى التي تشرفت فيها برؤيته.
أما البارون فإنه لم ينتبه لكلامها، بل رمق الكونت بنظرة ملؤها الغضب والوعيد، وقال: أنت صفي هذا الوحش الكاسر، وصديق هذا الشيطان الرجيم، ثم تجسر على القدوم إلي والوقوف بوجهي؟
فنظر سانت ليك إلى امرأته، وقال: ماذا أرى؟ ... أهو مصاب في عقله؟ ... لأن كل ما نراه منه يدل على الجنون ... - لا أخال ذلك ... بل أظنه كارها للدوق؛ لأنه لم يغضب إلا عند ذكره.
فنظر البارون إلى حنة، وأخذ يدها بين يديه فقال: أنت تنظرين إلي نظر الرعب، وقد هالك ما سمعته فلا تستغربي غضبي لذكر الدوق؛ لأنه هو قاتل ابنتي ومفجعي بمن أحب.
فأدمعت عين الفتاة وقالت: إن المصاب عظيم لا سبيل معه إلى العزاء، ولكن الكونت دي باسي هو أعظم نبيل في فرنسا، فلا يمكن أن يكون مطلعا على هذا الجرم الفظيع، بل يجهل مثلنا حقيقة أسراره، ألا تراه يبكي معنا؟
فالتفت الشيخ إليه وقال: أصحيح ما تقول؟
فانحنى الكونت من غير أن يجيب.
فقال الشيخ: لا عجب إذا كان جميع الناس يجهلون موت ابنتي حتى أصحابها؛ لأني لم أكتب كلمة، ولم أنبس ببنت شفة، بل حملت هذا السهم بقلبي، كما يحمل الطائر سهم الصياد تحت جناحه، ويذهب به ريثما يستقر ويموت ...
فقالت الفتاة باكية: بالله تكلم أيها الشيخ النبيل؛ لأن الكلام يعزيك.
Bog aan la aqoon