ونهض باسي وقلبه موعب فرحا؛ إذ قد لقي من أنس تلك الفتاة ما كان فوق مأموله، وجعل ينظر إليها مأخوذا منذهلا، وهو لا يصدق ما يراه، ولا يجسر أن يتمادى في التصور بما ناله من السعادة، وبتحقيق تلك الأحلام.
أما ديانا هذه فكانت في الثامنة عشرة من عمرها، أي كالزهرة تفتق أكمامها، فتخرج فتنة للعيون.
وقد ورد وصفها في حلم باسي فلا حاجة إلى زيادة البيان، بل نكتفي بالقول إنها خلقت كما اشتهت.
ولما دخلت بباسي إلى الغرفة جلست إلى جانبه فقالت: إنني قد ألقيت عليك سؤالين فأجبتني على الواحد دون الآخر. - نعم يا سيدتي، ولعلك تريدين الوقوف على السبب الذي وجدت لأجله في هذا المكان، وهو ما ستعلمينه متى ذكرت لي ما وعدتني به من حكاية أمرك، ألم تعديني بذلك؟ - نعم يا سيدي الكونت، فإني سأحدثك عن كل شيء، فقد طالما سمعت اسمك يتردد في الأفواه كمثال النبل والإقدام والمروءة؛ ولذلك فإني أرى بك خير نصير لي.
فانحنى باسي شاكرا.
وعقبت ديانا قائلة: لا بد أن تكون علمت من قليل مما سمعت أني أدعى ديانا، ابنة البارون ماريدور، وأنا وريثته الوحيدة؛ فإن الله لم يرزقه ولدا غيري، وقد صحب فرنسوا الأول إلى مدريد، وأبلى في الحرب بلاء حسنا، فكافأه ذلك الملك العظيم خير مكافأة.
ولما عاد من إسبانيا تزوج، فلم يسلم له من بنيه سواي، فانصرف جميع جنوده إلي، وكنا نقيم في قصرنا في ميريدور، وهو قصر محاط بغابات كثيرة هي أملاك الدوق دانجو ...
وأنا أحكي لك الآن ما يتعلق بقصتي مع هذا الدوق ومع المسيو دي مونسورو فأقول:
كانت أول معرفتي بالمسيو دي مونسورو أنه كان في تلك الغابات غزلان ترعى فيها، وكانت شديدة الألفة لي، وفيها غزالة كانت لا تأكل إلا من يدي وتكاد لا تفارقني.
واتفق يوما أني بينما كنت آتية لأطعمها إذ سمعت نباح كلاب كثيرة، ثم رأيت تلك الغزلان تفر منذعرة، وقد تأخرت عنها تلك الغزالة وهي فارة معها.
Bog aan la aqoon