قال الدوق: إني مؤكد لجلالتكم بأن أبرنون وشومبرج والبارون دي أو وموجيرون وكاليس، كانوا كامنين له بالقرب من فندق التورنيل.
قال الملك: من قال هذا؟ - أنا رأيتهم بعيني. - قد رأيتهم في الظلام أيها الدوق وقد كان شديدا. - إني لم أتبينهم من وجوههم. - كيف عرفتهم إذا؟ أمن أكتافهم؟ - كلا، ولكني عرفتهم من أصواتهم. - هل تكلموا معك؟ - لم يتكلموا معي فقط، بل إنهم هجموا علي أيضا وحاولوا الفتك بي لو لم يعرفوني من صوتي أيضا؛ لأنهم حسبوني الكونت دي باسي. - أنت كنت هناك؟ - نعم، أنا! - وما الذي دعاك إلى الذهاب نحو هذه الجهات المقفرة في مثل تلك الساعة المتأخرة من الليل؟ - وماذا يهم ذاك؟ - أريد أن أعرف كل شيء. - إذا كان لا بد من ذاك، فأقول لك إني كنت ذاهبا إلى مناساس. - مناساس اليهودي المتكهن؟ - نعم، ألا تذهب أنت أيضا إلى ريجياري بائع السموم. - أنا أذهب حيث أشاء لأني الملك. - ليس هذا بالجواب المقنع. - ومع ذاك فقد قلت لك إن باسي هو البادئ بالعدوان. - باسي كان البادئ؟ - نعم. - وأين كان ذاك؟ - في منزل سانت ليك ليلة زفافه. - أتظن أن باسي يعتدي على خمسة وهو فرد، إن ذاك محال يا مولاي؛ فإن هذا الكونت شجاع ولكني أنزهه عن الجنون. - قلت لك إنه كان البادئ بالعدوان، وقد سمعته بأذني في تلك الحفلة، ولم يكتف بذاك بل إنه جرح شومبرج، وكسر فخذ أبرنون، وكاد أن يجهز على كاليس. - لم أعلم شيئا من هذا لأن باسي لم يخبرني عن شيء من هذه الجراح، فإذا صح هذا فإني أهنئه بهذا الانتصار. - وأنا لا أهنئ أحدا، بل أحب أن يأخذ العدل مجراه، وأن أضع حدا لمثل هذا العدوان. - وأنا سأرى أيضا إذا كان يوجد في فرنسا من يجسر أن ينظر إلى أعظم أمرائها، وأخ الملك فيها، من غير أن يغض الطرف إجلالا واحتراما.
وعندها دخل باسي إلى القاعة فانحنى أمام جلالته، وقال: تفضل يا مولاي بقبول احترامي.
فالتفت الملك إليه وقال: هو ذا باسي.
فقال الكونت: أرى مولاي يشرفني بالاهتمام بشأني. - نعم، وقد سررت لمرآك، فلقد علمت عنك ما استأت له أشد الاستياء؛ ولذا فإني أحب أن ترفع شكواك إلينا كي يجري العدل في مجراه.
فقال باسي: لا أجد يا مولاي سبيلا إلى الشكوى.
فالتفت الملك إلى أخيه وقال: كيف ذاك؟ وما تقول؟ - أقول بأن باسي قد أصيب بضربة حسام.
فقال الملك: أصحيح يا باسي ما قاله الدوق؟ - هي الحقيقة بعينها يا مولاي، ومن كان أخا لجلالتكم فهو لا يعرف الكذب. - إذا كان ذاك أكيدا فما يمنعك من الشكوى؟ - لا أشكو؛ لأني أريد أن أنتقم بنفسي ... وسيكون انتقامي شديدا أيها الملك ولا مرد له، فلو أمرتم بقطع اليد التي أريد الانتقام بها، لبقي لي يد أخرى لذلك الانتقام.
فاصفر وجه الملك وقال: أنت شديد الوقاحة يا كونت!
ورأى الدوق أن الكونت باسي قد أغاظ جلالته بقحته، فتداخل في الأمر خشية من شر العاقبة، وأن تدفع الحدة بأحدهما إلى ما لا تؤمن مغبته، فأخذ عنه الكلام وقال: إنكم وعدتم يا مولاي بإجراء العدالة، وهذا غاية ما نرجوه، فلتأمر جلالتكم بفحص هذا الأمر، ومعرفة الباعث لأولئك المعتدين على أن يقفوا للكونت في ذاك الكمين.
Bog aan la aqoon