Dhiig iyo Caddaalad
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Noocyada
بصفة أولدنبرج أمين سر الجمعية الملكية، كان يشغل منصبا مثاليا مكنه من الاطلاع أولا بأول على آخر الأعمال. وكان يأمل أن تجمع هذه الدورية كل الأفكار والمفاهيم الهامة التي كانت تتولد لكنها كانت عرضة للضياع. وكان حلمه أن تعرف دوريته على مستوى العالم إن اضطلع الناشرون بتوزيعها عبر أوروبا، وتحول هذا الحلم تدريجيا إلى حقيقة. ومكنت الدورية الباحثين في البلاد البعيدة من الاستفادة من الاكتشافات الإنجليزية. كما كان أولدنبرج يأمل - مع تنامي شهرة الدورية - أن يعترف بأنها منشور يمكن للعلماء من خلاله إثبات أنهم أول من أجروا تجربة ما أو وضعوا نظرية ما. فعلى عكس واليس ومشاريعه في النشر، كان أولدنبرج حريصا على أن ينسب الفضل إلى أهله.
كانت رؤية أولدنبرج هي أن تكون الدورية خاصة به وليس بالجمعية الملكية وأن تنشر أبحاث الأعضاء في الجمعية وغير الأعضاء. وبما أنه كان أمين سر الجمعية الملكية، فقد كان يحمل على عاتقه مسئولية يومية متمثلة في تسجيل ما يقال في اللقاءات، بل تلقي الخطابات والتعليقات من أنحاء العالم. كما كان يكتب المراسلات بمعدل كبير، وكان يزعم أنه لم يكن يفتح خطابا إلا وفي يده قلم لكتابة الرد. ومما ساعد أولدنبرج في دوره بوصفه مراسلا دوليا أن ميثاق الجمعية الملكية جعل من تلك المراسلات الدولية إحدى السمات الرئيسية للجمعية. وكانت قدرات أولدنبرج اللغوية تساعده نسبيا في ترجمة الخطابات والدوريات الأجنبية واختيار أكثرها تشويقا لينشرها في دوريته.
وكان الهدف من الدورية مذكورا في عنوانها: «مداولات فلسفية: عرض للأبحاث والدراسات والأعمال الجارية على يد العباقرة في مختلف أنحاء العالم». ومع ذلك، كان بعضهم لا يزال يظن أنها نشرة الجمعية الملكية؛ لذا وفي العدد الثاني عشر المنشور في 7 مايو 1666، ذكر أولدنبرج صراحة انتماء الدورية إليه:
بعد ملاحظة أن أشخاصا عدة يقنعون أنفسهم بأن هذه «المداولات الفلسفية» تابعة للجمعية الملكية ... فقد رأى كاتبها أنه من المناسب أن يعلن أن هذا الاقتناع - إن كان له وجود فعلي - هو محض خطأ، وأنه بدأ، ويواصل، كلا من كتابة الدورية ونشرها على نفقته الخاصة.
لقد كان العدد الأول من الدورية هو العدد الذي اشتمل على وصف لوور لطريقته في نقل الدم بالكامل. والوصف المنشور خطاب لوور إلى بويل بجانب وثائق إضافية تشير إلى أن بويل شاهد عمل لوور مباشرة.
أصبح خطاب لوور إلى بويل علامة بارزة في التاريخ، ووضع لوور في بؤرة اهتمام الجمعية الملكية الجليلة. ويلخص لوور فيه أفكاره حتى حينه بجانب رأيه الذي مفاده أن أكبر ميزة لتجربته هي إمكانية «أن يعيش حيوان على دم حيوان آخر». وكانت تبعات ذلك أنه يمكن التبرع بالدماء الجديدة لأي حيوان يحتاج إلى مزيد من الدم وأن استبدال «الدم الفاسد» بدم سليم يمكن أن يعالج كثيرا من الحيوانات المريضة.
لم يكن نشر التجربة يعني أن طريقة لوور سجلت في الدورية المعروفة وحسب، بل كان يعني أن تفاصيل إجراء تجربة ناجحة قد انتشرت عبر أنحاء إنجلترا، بخلاف إرسالها إلى العلماء المشهورين وذوي المقام الرفيع في مختلف بقاع أوروبا. وأصبح من الممكن لكل من يرغب أن يجري التجربة ما دام يستطيع أن يقرأ الإنجليزية. وسرعان ما شمل ذلك كلا من دوني وإميري.
في بعض الأحيان، يمكن أن تصاب بالإحباط من مجرد رؤية الآخرين يكررون عملك، ولا سيما عندما يستخدمون معلوماتك ليسبقوك إلى الخطوة التالية من الاكتشاف. لكن التأكد من إمكانية تكرار التجربة مبدأ أساسي في البحث العلمي. فالصدفة والملاحظة الفريدة قد تكون مذهلة، لكنها لن تكون ذات قيمة إذا لم يمكن تكرارها. ومن ثم، من أهم واجبات العالم أن يعرض وسائله ونتائجه بوضوح، بحيث تسمح للآخرين بالاختبار للتأكد من أن النتائج متطابقة. ويمكن لمقارنة الاستنتاجات المختلفة أن تبين أي النتائج كانت صدفة كما تمنع المبالغة أو الاحتيال.
النار وشعلة العمل
في غضون أسبوعين من الإعلان عن عمل لوور، كان الباحثون في لندن يحاولون نقل الدم بأنفسهم ويطلبون من أصدقائهم الحضور للمشاهدة. وفي ذلك الوقت، قبل ويليس وظيفة لدى جلبرت شيلدون - رئيس أساقفة كانتربيري - واستقر في شارع سانت مارتنز لاين، الذي تفصله مسافة قصيرة عن مسكن بويل في لندن في بول مول. ولأن ويليس لم ينس الرجل الذي مكنته مهاراته من النجاح في عمله، فقد ضغط على الجمعية الملكية لتدعو لوور إلى الانتقال إلى لندن والعمل كمسئول التشريح لديها. وقبل لوور - مسرورا هذه الفرصة الجديدة - ووجد مكانا يقيم فيه في هاتون جاردن قبل أن ينتقل إلى كوفنت جاردن في قلب المدينة الصاخبة.
Bog aan la aqoon