127

Dhiig iyo Caddaalad

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Noocyada

قال أولدنبرج محاولا إعادة بعض النظام إلى الاجتماع: «لنتناول كلا منها على حدة. وأقترح أن تكون البداية ببرميل الخل.»

قال بيرو: «إنها حقيقة. وقد أشار عدد من الفلاسفة فعلا إلى أن بعض الحاويات لا تقتصر على حفظ المواد بل تحسنها كذلك في بعض الحالات. لكن الدم يتغير بصورة نشطة مع مروره في الأوردة أو الشرايين. في بعض الحالات يمكن أن يكون التغير مفيدا، وفي البعض الآخر، يكون ضارا. وفي حين أن أبقراط كان أول من قال إن الدم يفسد دائما عندما يخرج من الجسم، يقول الفلاسفة إن الدم قد يفسد وهو لا يزال داخل الجسم. فانظروا مثلا إلى أوردة الدوالي. ففيها نجد الدم الفاسد والمتجلط داخل الوعاء.»

10

قال دوني: «أولا لا أعتقد أن الدم قد يفسد بسبب المرض لدرجة لا يمكن بعدها إصلاحه. وإن كان هذا يحدث فهو نادر بالتأكيد فليس علينا أن نقلق بشأنه. وسيتطلب الشيء غير المعتاد منا أن نبحث عن وسائل علاج جديدة لحل المشكلة، وأتطلع للبحث عنها. أما وجهة النظر المقابلة فهي أن الفساد الإجمالي هذا شائع جدا. والمشكلة التي أواجهها هي إيجاد أي فائدة من ذلك؛ إذ يشوه التشبيه على أي حال تصورنا كله عن آلية عمل الجسم.»

قال بيرو: «أنا أيضا أشك في صحة التشبيه لكنني أردت أن أعرف آراءكم. فأي فكرة تقول إن طبيعة الدم تتغير عندما يدخل جسم حيوان آخر غير صحيحة بالتأكيد. فنحن جميعا نعلم - على أية حال - أن الماء لا يتحول إلى نبيذ بمجرد سكبه في برميل ممتلئ بالنبيذ. فليس أبعد عن الفلسفة الحقيقية من فكرة إمكانية تحويل الأشياء بطرق لا تعرفها الطبيعة. فتغير الدم بعد نقله خرافة ترقى لقصص تحول القمح إلى عشب ضار أو تحول الحبل الشوكي إلى حية أو الرصاص إلى ذهب أو تحول الإنسان إلى ضفدع. فالماء لا يتحول إلى نبيذ إلا إذا عالجته الكرمة. وكذلك الكيلوس يحتاج إلى أن يعالج داخل جسم الحيوان المستهدف لكي يتحول إلى الدم المناسب.»

11

جفل بويل الذي أنفق كثيرا من الوقت والمال على الخيمياء مع قرار بيرو بجمع كل مفاهيم التحول معا في فئة مذمومة، لكنه اختار ألا يلتقط الطعم.

خيم الصمت على المشاركين لوهلة. فقد كانت قدرة الدم على تغيير طبيعته موضع تساؤل. ووجد دوني نفسه أمام حجج متعارضة. فإن كان بإمكان الدم أن يغير صبغته فإن الدم الجديد يمكن أن يفسد في العروق وسيصبح نقل الدم عديم الفائدة. أما إن لم يمكنه التغير، إذن فلا يمكن أبدا للدم المنقول أن يتوافق مع جسم المتلقي. كما سيكون غريبا ومن غير المحتمل أن يؤدي وظيفته بكفاءة.

وبعد أن فكر دوني للحظة، رد بفكرة حاولت حل الإشكاليتين معا. فقد أمل بحقنه الدم في الوريد الوداجي أن يتفادى المشكلة، لأن هذا الدم سيمر مباشرة بالقلب. وبذلك يتفادى كل الأوعية الملتفة التي يمكن أن يفسد الدم فيها، ويصطبغ فورا ب «جوهر» الجسم ذاته. ولا يمكن للدم المرور عبر باقي أجزاء الجسم إلا بعد تطبيعه.

وتابع دوني: «أرى أن عديدا من الأطباء يتفقون معي في هذه النقطة. وحتى إن لم يتفقوا، فإن فكرة «برميل الخل» لن تغير رأيي؛ إذ إن الحموضة هي آخر صفة يتصف بها النبيذ، ولأن حلاوته الأولى لا يمكن استرجاعها فإن هذا التغير يعني فساد حالته. لا يمكنني أن أرى أي تغير يمكن حدوثه في الدم ولا يمكن معالجته. فالدم يمكن تنقيته دائما إلا - حسبما أفترض - في عدد صغير من الأمراض الاستثنائية التي ليس منها شفاء، ولسنا في حاجة لأن نتناولها الآن.» وأطرق للحظة. ثم تابع: «لكن النبيذ يمكن أن يكون مثالا جيدا. فكلنا يعلم أنه من الممكن تحلية أشد أنواع النبيذ اللاذعة، وتنقية أكثرها تلوثا وتركيز أضعفها وإزالة الدهون من أكثرها شحوما. بصفة عامة، إن كنت على دراية بما تفعله، يمكنك أن تضيف الكحوليات المناسبة إلى النبيذ لتحل أي مشكلة تقريبا. بالصورة نفسها، من المنطقي الاعتقاد بأن خلط الأنواع المناسبة من الدم باستغلال فن نقل الدم يمكن أن يحسن ويخفف الدم ذا الكثافة الزائدة أو يرفع حرارة الدم شديدة الانخفاض.»

Bog aan la aqoon