104

Dhiig iyo Caddaalad

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Noocyada

كان البارون بوند مريضا لدرجة أن كلا الطبيبين كانا ممانعين التعامل معه في البداية؛ فمعالجة شخص قبل وفاته مباشرة تنطوي على احتمال كبير بالاتهام بالإهمال. وكان البارون يعاني على مدار ثلاثة أسابيع من مرض في الكبد والطحال، وإسهال صفراوي وحمى شديدة بحسب تشخيص دوني. ومع وصول دوني وإميري، كان قد فحصه أربعة أطباء آخرون، وقد أجرى جميعهم للبارون فصد دم، آملين في التخلص من الدم المصاب. هكذا ، أصبح المريض في غاية الوهن، عاجزا عن الحركة أو الكلام، وكان فعليا غائبا عن الوعي ؛ كانت العلامة الرئيسية على الحياة أنه كان يتقيأ بشدة بمجرد إعطائه أي طعام أو ماء.

أرسل أقارب البارون في طلب خيرة الأطباء كإجراء أخير، لكن دوني لم يكن متحمسا جدا؛ فنقل الدم - كما بين - لا يصلح لعلاج الأجزاء الصلبة (في مقابل الأجزاء السائلة) من جسم الإنسان، وكان واضحا من الأعراض أن المريض يعاني من غرغرينا بالأمعاء. كان على قناعة بأنه لو كان أقارب المريض اتصلوا به قبل ذلك لاختلف الأمر كثيرا. وكان على يقين من أنهم لو كانوا أجروا له نقلا للدم، بدلا من فصده لكانت لتلك الطريقة فائدة كبيرة.

ومع ذلك، قال أقارب المريض إن الاستسلام الآن يعني التخلي عن أمل الرجل الأخير. وفي النهاية تراجع دوني عن قراره. لكن حتى عند ذلك كان راغبا في إبراء نفسه؛ إذ أصر على إقرار الأطباء الذين عالجوا المريض قبله بفشل علاجهم، وأنه من المقبول تجربة هذا العلاج التجريبي.

وفي صباح اليوم التالي، ومع انتهاء الإجراءات الشكلية، عاد دوني وإميري ومعهما عجل. كان المريض في حالة خمول ويعاني تشنجات. وكان نبضه بطيئا وضعيفا. وبمجرد نقل كمية صغيرة من الدم إلى أوردة بوند، تسارع نبضه وزاد قوة، وتوقفت التشنجات وبدأ يتكلم بعدة لغات. وبعد دقائق غلبه النعاس. وانتظر دوني وأقارب بوند ليروا ما الذي سيحدث.

وبعد ثلاثة أرباع الساعة، استيقظ بوند وتمكن من تناول عدة أطباق من الحساء على مدار اليوم، وظل هادئا، وهو ما اعتبر تحسنا. وتوقف الإسهال للمرة الأولى منذ أسابيع. لكن - للأسف - بعد 24 ساعة خارت قوته وضعف نبضه وهزل بدنه مجددا. وبطلب من أصدقاء البارون، أوصل إميري المريض بالعجل وأعطاه جرعة دم جديدة. مرة أخرى تعافى المريض قليلا لكنه توفي في الخامسة بعد ظهر ذلك اليوم.

تجمع عدد من الأطباء في عملية تشريح مريعة ليشهدوا الفحص ويقدموا تعليقاتهم. واكتشفوا أن أمعاء الرجل المسكين كانت متعفنة، وكان البنكرياس متصلبا والقناة البنكرياسية - التي تحمل العصارات الهاضمة إلى القناة الهضمية - مسدودة. وكان طحاله مكتنزا بشدة وكبده متضخما وعليه علامات مرض واضحة في بعض الأماكن. وكان دوني مهتما بحالة القلب. فقد كان «جافا جدا كما لو كان محترقا». كما لفت انتباهه أن الوريد الذي حقنوا الدم فيه لم يعد أكثر امتلاء من سائر الأوردة، فقد بدت كل الأوعية فارغة.

وكما يروق للجراحين كثيرا، أعلن دوني أن عملية نقل الدم نجحت، لكن سوء حالة المريض الصحية بشدة لم يسمح لعملية نقل الدم بأن ترد له عافيته. كان دوني جريئا؛ فقد كانت الطريقة سليمة، لكن ما كان يحتاج إليه في ذلك الوقت هو مريض سليم بدنيا، لكن مصاب بمرض آخر. وكانت هذه الحالة المثالية لبيان مزايا علاجه الجديد.

الفصل الثامن

اللحاق

في الوقت الذي عبست فيه الحياة لدوني، كان لوور أوفر حظا. ويبدو أنه كان راضيا عما اعتبره تقدما بطيئا لكن منتظما في نقل الدم للحيوانات، وأنه كان متطلعا لفهم تفاصيل الدم وتعقيدات نقله أكثر من تحويله إلى علاج طبي. إلا أن لندن كانت تستحثها أخبار التطورات في القارة الأوروبية. وكانت الأخبار هي خطاب دوني هذه المرة. ربما كتب أولدنبرج مقالا يشكو فيه تجاهل دوني للتفوق الإنجليزي في هذا المجال، لكن لا يسعه إنكار أن دوني سبقهم خطوة بإخراج نقل الدم من المعمل إلى ميدان الطب. فحسبما يقول دوني، كانت عمليات نقل الدم ناجحة وكل الدلائل تشير إلى أنه سيستمر ويكرر ذلك. وكانت إنجلترا تواجه مخاطر التأخر في سباق النجاحات الطبية.

Bog aan la aqoon