119

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Noocyada

والأصل أن من كان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من المنافقين ، قلما يسلمون من الشرك من مخالفتهم الرسول ومناقضته وكراهته بما جاء به ، ومحبتهم أن تكون الدائرة بينه وبين عدوه عليه ، ويظهر سلطان المشركين عليه ، وإرادتهم انفضاض جمعه ، ووسيلتهم إلى المشركين وإلى اليهود بإظهار بعضه وما جاء به ، واستثقالهم بجميع أموره ، وقلما يسلم من كان هكذا من الشرك ، وإظهار ما وصفهم الله تعالى به في القرآن بالشرك بالله قال الله - عز وجل - : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون ) .

من هذا الذي يشهد بأنهم يشهدون بعد شهادة الله تعالى إنهم كانوا كاذبين ، وليس بعد شهادة الله شهادة : ( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون ) .

ولم يأخذ عليهم في شيء إلا في الشهادة كذبا ، فقال : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا ) .

ولا ينفى عنهم من الكفر شيء بعد أن أثبته الله لهم ، فطبع على قلوبهم ، فالطبع خلاف الاختيار في مذمة كبيرة ، وأرى الذم يتوجه إلى القلب دون اللسان الذي كذبوا به ، ( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ) .

والفسوق مأخوذ من فسوق الرطبة .

ومن أثبت لهم شيئا من الإيمان بعد شهادة الله تعالى بالفسوق منهم محتاج إلى دليل ، ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) جاء الفسوق هاهنا أشد من الكفر .

وقال الله - عز وجل - أيضا : ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ) .

Bogga 45