وقال أيضا : ( ولتعرفنهم في لحن القول ) . فمعرفتهم في لحن القول علم مظنون ، ومن جهة القرآن علم متيقن ، ونحن نشير إلى حجج كل واحد من هؤلاء المختلفين إنصافا وعدلا ، ونستحكم عليهم الكتاب والسنة حكما وفصلا ونقضي بذلك شرعا وعقلا .
واعلم أن اليربوع لحفرة أربعة أسام . منها : الرهطاء والداماء والقاصعاء وهي معروفة عند العرب ، وله النافقاء وهي التي أخفاها إلى وقت الحاجة إذا طلب من حفرة الثلاث خرج من الرابعة .
وأشار الشرع إلى أن من أخفى بعض أمروه وأظهر بعضها أورى عن الناس منافق ويتجه ذلك إلى الاعتقاد ويتجه إلى الأفعال ، فأنزل الله - عز وجل - عن الذين تخلفوا عن الهجرة هذا الاسم ، ولقبهم به .
وذلك أن أناسا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كانوا بمكة وقد أسلموا فهاجر رسول الله عليه السلام ولم يهاجروا ، فلما نزل فرض الهجرة وقطع الله عذر من لم يهاجر ، اختلف فيهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال بعضهم : هم مشركون كما كانوا أول مرة إذ لم يهاجروا . فقضوا عليهم بحكم أهل الدار .
وقال الآخرون : بل هم مؤمنون مسلمون ، فأنزل الله تعالى حكمه فيهم ، وتسميتهم بخلاف ما سموهم به المختلفون ، يعاتب أصحاب رسول الله عليه والسلام على الاختلاف ، فلو أطبقوا لأصابوا الحق .
وقال من قال إن النفاق في الأفعال إنما وقع من جهة ترك الهجرة وهو فعل واستدلوا بقول الله - عز وجل - : ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) فقال من شركهم قول الله - عز وجل - : ( والله أركسهم بما كسبوا ) أي ردهم إلى ما هم فيه أول مرة ، فأشاروا إلى الشرك .
والأركاس عند العرب : الرجوع إلى أسوأ حال الرجل ، أركسهم الله فارتكسوا بما كسبوا من ترك الهجرة ، وهذه عتاب لمن عذرهم .
Bogga 43