وأما قول الشيخ - رضي الله عنه - : ( وندين بتفسيق أهل التأويل ) . فإن الشيخ أراد به من ذهب إلى تشبيه الباري سبحانه بخلقه ولم يصرح ، والجحود دون التصريح ، وحاد عن مذهب المسلمين الصحيح .
فإن وقفوا توقفنا ، وحسبناهم جهلتنا ، وأن تغشموا وتقحموا أحد الشروط الثلاثة هلكوا ولا عذر.
وأما قوله : ( فندين بإنفاذ الوعيد والوعد ) إلى ما ذكر فإنه كذلك ، ولهذا الوعيد شروط : أولها : عدم التوبة ، الثاني : خلوده من الحسنات ، والثالث : الاسترجاع ( 1 ) في مصيبة تكفر الذنوب ، بشرط أن يموت على الكبيرة فاعلها ولم يتب مصرا أو مبتدعا يدعو الناس إلى بدعته ، كما قال المختار بن عوف الكندي - رحمه الله - : ( الناس منا ونحن إلا عابد وثن وطاعنا وباغيا وصاحب بدعة يدعوا إليها ) .
وقد عارضوا بالمشيئة مشيئة الباري سبحانه ، حيث يقول : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
وقال جابر بن زيد : ( قد أخبرنا الله تعالى بمشيئته فيهم . أولها التوبة : قال الله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب ) . والثاني : الحسنات قال تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) والثالث : الاسترجاع عند المصيبة قال الله تعالى : ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) ) .
فوعد أفضل من المغفرة ، وما وراء هذا معاند مصر طاغ مستكبر ، وقالب فروته يدعوا إلى بدعته ، ولا سبيل للمشيئة في هذين لإبطال الحكمة فيهما .
فمن أجازهما فقد عزى إلى الله - عز وجل - وجها غير وجه الحكمة ، وهم إلى الهلاك أقرب ، فما يمنع هذا أن يجيزه في الشرك لقول الله - عز وجل - : ( إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .
ولو وعد المغفرة والرحمة من وراء ذلك لرجعت المعاصي بحال الإباحة ، ولم يبق إلا أن يأمرهم بها ، ولاسيما إن كان من أحد الشروط الثلاثة واحد .
Bogga 40