بالأفعال إذ القصد منه قمع النفس عن معتاداتها وقطعها عن عاداتها.
(قال الله تعالى) أي: عما لا يليق بشأنه سبحانه ﴿وما أمروا﴾ أي: اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل ﴿إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ أي: موحدين لا يعبدون سواه. قال بعضهم: الإخلاص تصفية العمل عن شوائب الكدر ﴿حنفاء﴾ مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام، أو حنفاء حجاجًا ﴿ويقيموا الصلاة﴾ أي: المكتوبة في أوقاتها ﴿ويؤتوا الزكوة﴾ عند وجوبها، ومخلصين وحنفاء حالان من الضمير في يعبدوا، والمعنى: وما أمروا في كتابهم إلا ليعبدوا الله بهذا الوصف ﴿وذلك دين القيمة﴾ أي: الملة المستقيمة أو دين الجماعة القيمة أو الهاء للمبالغة. وعن الخليل أن القيمة جمع القيم، والقيم والقائم واحد، أو المراد بدين القيمة دين الملائكة أو ملة إبراهيم، وقرىء ﴿وذلك الدين القيمة﴾ على تأويل الدين بالملة كذا في «التفسير الكبير» للكواشي. وقال الحافظ السيوطي في «الإكليل»: قوله تعالى: «وما أمروا إلخ» استدل به على وجوب النية في العبادات لأن الإخلاص لا يكون بدونها اهـ.
(وقال تعالى): ﴿لن تنالوا البر﴾ أي: لن تبلغوا حقيقة البرّ الذي هو كمال الخير، ولن تنالوا برّ الله الذي هو الرحمة والرضى والجنة، وقوله: ﴿حتى تنفقوا مما تحبون﴾ أي: من المال أو ما يعمه وغيره كبذل الحياة ومفاداته للناس والبذل في طاعة الله والمهجة في سبيله، روي «أنها لما نزلت جاء أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن أحبّ أموالي بيرحاء فضعها حيث أراك الله تعالى. فقال: بخ بخ، ذاك مال رابحـ أو رائحـ وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» . «وجاء زيد بن حارثة بفرس كان يحبها فقال: هذه في سبيلالله، فحمل عليها رسول الله أسامة، فقال زيد: إنما أردت أن أتصدق بها، فقال ﵊: إن الله تعالى قد قبلها منك» وذلك يدل على أن إنفاق أحبّ الأموال على أقرب الأقارب أفضل وأن الآية تعمّ الإنفاق الواجب والمستحب. وقوله: ﴿وما تنفقوا من شيء﴾ محبوب أو غيره ﴿فإن الله به عليم﴾ فيجازيكم بحسبه.
وقال تعالى: ﴿لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله
1 / 50