Dalaa'il al-Nubuwwah wa Ma'rifat Ahwal Sahib al-Shari'ah
دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة
Tifaftire
د. عبد المعطي قلعجي
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Daabacaad
الأولى-١٤٠٨ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٨٨ م
Goobta Daabacaadda
دار الريان للتراث
يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَلَمَّا تَرَعْرَعَ كَانَ يَخْرُجُ فَيَنْظُرُ إِلَى الصِّبْيَانِ يَلْعَبُونَ فَيَجْتَنِبُهُمْ. فَقَالَ لِي يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ: يا أماه! مالي لَا أَرَى إِخْوَتِي بِالنَّهَارِ؟ قُلْتُ: فَدَتْكَ نَفْسِي، يَرْعَوْنَ غَنَمًا لَنَا فَيَرُوحُونَ مِنْ لَيْلٍ إِلَى لَيْلٍ. فَأَسْبَلَ عَيْنَيْهِ فَبَكَى، فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، فَمَا أَصْنَعُ هَهُنَا وَحْدِي؟ ابْعَثِينِيَ مَعَهُمْ. قُلْتُ: أو تحب ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَلَمَّا أَصْبَحَ دَهَنْتُهُ، وَكَحَّلْتُهُ، وَقَمَّصْتُهُ، وَعَمَدْتُ إِلَى خَرَزَةِ جَزْعٍ يَمَانِيَّةٍ فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ مِنَ الْعَيْنِ. وَأَخَذَ عَصًا وَخَرَجَ مَعَ إِخْوَتِهِ، فَكَانَ يَخْرُجُ مَسْرُورًا وَيَرْجِعُ مَسْرُورًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ خَرَجُوا يَرْعَوْنَ بَهْمًا لَنَا حَوْلَ بُيُوتِنَا، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ إِذَا أَنَا بِابْنِي «ضَمْرَةَ» يَعْدُو فَزِعًا، وَجَبِينُهُ يَرْشَحُ قَدْ عَلَاهُ الْبُهْرُ بَاكِيًا يُنَادِي: يَا أَبَتِ [(٣٢٥)] يَا أَبَهْ وَيَا أُمَّهْ، الْحَقَا أَخِي مُحَمَّدًا فَمَا تَلْحَقَاهُ إِلَّا مَيِّتًا. قُلْتُ: وَمَا قِصَّتُهُ؟ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ قِيَامٌ نَتَرَامَى [(٣٢٦)] وَنَلْعَبُ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَاخْتَطَفَهُ مِنْ أَوْسَاطِنَا، وَعَلَا بِهِ ذِرْوَةَ الْجَبَلِ وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى شَقَّ مِنْ صَدْرِهِ إِلَى عَانَتِهِ، وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَ بِهِ، وَلَا أَظُنُّكُمَا تَلْحَقَاهِ أَبَدًا إِلَّا مَيِّتًا. قَالَتْ:
فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأَبُوهُ- تَعْنِي زَوْجَهَا- نَسْعَى سَعْيًا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ قَاعِدًا عَلَى ذِرْوَةِ الْجَبَلِ، شَاخِصًا بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَتَبَسَّمُ وَيَضْحَكُ، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ، وَقَبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقُلْتُ: فَدَتْكَ نَفْسِي، مَا الَّذِي دَهَاكَ؟ قَالَ: خَيْرًا يَا أُمَّاهُ، بَيْنَا أَنَا السَّاعَةَ قَائِمٌ عَلَى [(٣٢٧)] إِخْوَتِي، إِذْ أَتَانِيَ رَهْطٌ ثَلَاثَةٌ، بِيَدِ أَحَدِهِمْ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، وَفِي يَدِ الثَّانِي طَسْتٌ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ مِلْؤُهَا ثَلْجٌ، فَأَخَذُونِي، فَانْطَلَقُوا بِي إِلَى ذِرْوَةِ الْجَبَلِ، فَأَضْجَعُونِي عَلَى الْجَبَلِ إِضْجَاعًا لَطِيفًا، ثُمَّ شَقَّ مِنْ صَدْرِي إِلَى عَانَتِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ حِسًّا وَلَا أَلَمًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ في
[(٣٢٥)] في (ح): «يا أمه»، وفي (ص): «يا أبه» .
[(٣٢٦)] في (ص) رسمت: نتراما.
[(٣٢٧)] في (ص): «معي» .
1 / 140