Dalail Nubuwwa
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني
Baare
الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس
Daabacaha
دار النفائس
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Taariikhda Nebiga
ذِكْرُ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى الشَّامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِنِبُوَّتِهِ ﷺ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ.
١٠٨ - أَجْمَعَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يُجَهِّزُوا عِيرًا إِلَى الشَّامِ بِتِجَارَاتٍ وَأَمْوَالٍ عِظَامٍ وَأَجْمَعَ أَبُو طَالِبٍ الْمَسِيرَ فِي تِلْكَ الْعِيرِ فَلَمَّا تَهَيَّأَ لَهُ الْمَسِيرَ انْتَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَلْ يَشْخَصُ مَعَهُ فَرَّقَ عَلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ قَالَ: أَتَخْرُجُ؟ فَكَلَّمَهُ عُمُومَتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَقَالُوا لِأَبِي طَالِبٍ: مِثْلُ هَذَا الْغُلَامِ لَا يُخْرَجُ بِهِ؛ تُعَرِّضُهُ لِلْأَرْيَافِ وَالْأَوْبَاءِ فَهَمَّ أَبُو طَالِبٍ بِتَخْلِيفِهِ فَرَآهُ يَبْكِي قَالَ: مَا لَكَ يَا ابْنَ أَخِي؟ لَعَلَّ بُكَاءَكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْلُفَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: فَإِنِّي لَا أُفَارِقُكَ أَبَدًا فَاخْرُجْ مَعِي فَخَرَجَ فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ بُصْرَى مِنَ الشَّامِ وَبِهَا رَاهِبٌ يُقَالُ لَهُ بَحِيرا الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَةٍ وَكَانَ عُلَمَاءُ النَّصَارَى يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ يَتَوَارَثُونَهَا عَنْ كِتَابٍ يَدْرُسُونَهُ فَلَمَّا نَزَلُوا بِبَحِيرَا وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَمُرُّونَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَقَدْ كَانُوا يَنْزِلُونَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا مَرُّوا عَلَيْهِ صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَدَعَاهُمْ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُمْ حِينَ طَلَعُوا وَغَمَامَةٌ تُظِلُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ حَتَّى نَزَلُوا تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ نَظَرَ تِلْكَ الْغَمَامَةَ قَدْ أَظَلَّتِ الشَّجَرَةَ فَتَهَصَّرَتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ عَلَى النبي ﷺ حَتَّى اسْتَظَلَّ فَلَمَّا رَأَى بَحِيرَا ذَلِكَ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَأَمَرَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَتَى بِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ لَكُمْ طَعَامًا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تَحْضُرُوا وَلَا يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ وَلَا حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ تُكْرِمُونَنِي بِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّ لَكَ لَشَأْنًا يَا بَحِيرَا مَا كُنْتَ تَصْنَعُ قَبْلَ هَذَا فَمَا شَأْنُكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُكْرِمَكُمْ وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا؛ يَنْظُرُ رِحَالَهُمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا نَظَرَ بَحِيرَا إِلَى الْقَوْمِ وَلَمْ يَرَ الصِّفَةَ الَّتِي يَعْرِفُ وَيَجِدَهَا عِنْدَهُ وَجَعَلَ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى الْغَمَامَةَ عَلَى أَحَدٍ
1 / 168