306

Dalail Nubuwwa

دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني

Tifaftire

الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس

Daabacaha

دار النفائس

Daabacaad

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

٤٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَزَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ أَحَدَ بَنِي بَيَاضَةَ وَخُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ بِالرَّجِيعِ فَقَاتَلُوا حَتَّى أَخَذُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَمَانًا إِلَّا عَاصِمًا فَإِنَّهُ أَبَى وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ الْيَوْمَ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ. وَدَعَا عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمِي لَكَ الْيَوْمَ دِينَكَ فَاحْمِ لَحْمِي. فَجَعَلَ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدٌ نَابِلُ ... وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عَنَابِلُ
صَفْرَاءُ مِنْ نَبْعٍ لَهَا بَلَابِلُ ... نَزَلَ عَنْ صَفْحَتِهَا الْمَعَابِلُ
إِنْ لَمْ أُقَاتِلْكُمْ فَأُمِّي هَابِلُ ... الْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَاةُ بَاطِلُ
وَقَالَ وَهُوَ يُحَرِّضُ نَفْسَهُ:
أَبُو سُلَيْمَانَ وَرِيشُ الْمَقْعَدِ ... وَضَالَّةٌ مِثْلُ الْجَحِيمِ الْمُوقَدِ
إِذَا النَّوَاحِي ارْتَعَشَتْ لَمْ أَرْعَدِ
فَلَمَّا قَتَلُوهُ كَانَ فِي قُلَيْبٍ. . . . . . . . . . . . . . . وذلك أن هذيلًا أرادت أخذ رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنها يوم أحد: لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته ⦗٥١٠⦘ الدبر، فلما حالت بينه وبينهم الدبر قالوا: دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه، فبعث الله الوادي فاحتمل عاصمًا، فذهب به. . وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ يَوْمَ أُحُدٍ لَهَا نَفَرًا ثَلَاثَةً، كُلُّهُمْ أَصْحَابُ أَمْرِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ وَهُمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ كَانَ عَاصِمٌ رَامِيًا وَيَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ فَيُؤْتَى بِهِ فَتَقُولُ كُلَّمَا أُتِيَتْ بِإِنْسَانٍ: مَنْ قَتَلَهُ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَدْرِي، غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا رَجُلًا يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ، فَقَالَتْ: أَقْلَحَنَا، فَحَلَفَتْ لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى رَأْسِهِ لَتَشْرَبَنَّ فِي قَحْفِهِ الْخَمْرَ، فَأَرَادُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ لِيَذْهَبُوا بِهِ إِلَيْهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ ﷿ رَجُلًا مِنْ دَبْرٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ. وَأُسِرَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ فَقَدِمَ بِهِمَا مَكَّةَ فَبِيعَ خُبَيْبٌ لِبَعْضِ الْجُمَحِيِّينَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ وَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ عَدِيٍّ أَحَدَ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فَيَقْتُلَهُ مَكَانَ أَخِيهِ طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهُ إِيَّاهُ وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَطِيَّةً، فَأَسَاءَ إِلَيْهِ فِي أَسْرِهِ، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ الْقَوْمُ الْكِرَامُ هَذَا بِأَسِيرِهِمْ، فَأَخْرَجُوهُ وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ وَجَعَلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ تَحْرُسُهُ وَهُوَ فِي أَسَارِهِ، حَتَّى إِذَا قِيلَ: إِنَّكَ مُخْرَجٌ بِكَ؛ لِيَقْتُلُوكَ قَالَ لِلْمَرْأَةِ: أَعْطِينِي مُوسَى أَسْتَطِبْ بِهَا. فَأَعْطَتْهُ وَكَانَ لَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ فَأَخَذَهُ فَأَجْلَسَهُ عِنْدَهُ فَظَنَّتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَهُ ⦗٥١١⦘، فَصَاحَتْ إِلَيْهِ تُنَاشِدُهُ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَغْدِرَ. فَخَرَجَ لِيُقْتَلَ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْخَشَبَةِ قَالَ:
[البحر الطويل]
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَالَ: دَعُونِي أَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّهُمَا ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا جَزِعَ خُبَيْبٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ مِنْ يُبَلِّغُ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ، فَبَلِّغْ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ، فَزَعَمُوا أَنَّ النبي ﷺ قَالَ: «وَعَلَيْهِ السَّلَامُ» . فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لِمَنْ؟ قَالَ: «عَلَى أَخِيكُمْ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ» . فَلَمَّا رُفِعَ إِلَى الْخَشَبَةِ اسْتَقْبَلَ الدُّعَاءَ. قَالَ رَجُلٌ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوَ لَبَدْتُ بِالْأَرْضِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا. فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ أَحَدٌ حَيُّ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لَبَدَ بِالْأَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ: فِي قِصَّةِ عَاصِمٍ وَخُبَيْبٍ غَيْرُ دَلَالَةٍ؛ مِنْهَا حِمَايَةُ الدَّبْرِ عَاصِمًا حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى قَطْعِ رَأْسِهِ مِنْ جَسَدِهِ فَأكْرَمَهُ اللَّهُ ﷿ بِذَلِكَ بإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ حِينَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمِي لَكَ الْيَوْمَ دِينَكَ، فَاحْمِ لَحْمِيَ الْيَوْمَ. وَكَانَ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ ﷿ أَنْ لَا يَمَسَّ مُشْرِكًا وَلَا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ أَبَدًا فَوَفَّى للَّهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُمْ كَمَا امْتَنَعَ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَهِيَ آيَةٌ شَرِيفَةٌ وَدِلَالَةٌ قَوِيَّةٌ وَمَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ خُبَيْبًا مِنْ إِطْعَامِهِ لَهُ الْقِطْفَ مِنَ الْعِنَبِ فِي زَمَانٍ وَحِينَ ⦗٥١٢⦘ لَا يُوجَدُ مِنْهُ بِمَكَّةَ حَبَّةٌ وَلَا ثَمَرَةٌ وَهَذِهِ الْمَكْرُمَةُ شَبِيهَةٌ بِمَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَأْنِ مَرْيَمَ: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ [آل عمران: ٣٧] وَإِبْلَاغِ اللَّهِ سَلَامَهُ إِلَى رَسُولِهِ وَهُمَا دِلَالَتَانِ وَاضِحَتَانِ مِثْلُهُمَا جَائِزٌ فِي إِبَّانِ النُّبُوَّةِ وَبِهَا كَانَتِ الْأَنْصَارُ تَفْتَخِرُ فَسَمَّوْا عَاصِمًا حَمِيَّ الدَّبْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَيْضًا مَا اسْتَجَابَ اللَّهُ لِخُبَيْبٍ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ أَحَدٌ حَيُّ إِلَّا الرَّجُلَ الَّذِي لَبَدَ بِالْأَرْضِ وَهَذَا لَيْسَ فِي أَصْلِ السَّمَاعِ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي نُعَيْمٍ

1 / 509