257

Daliilka Icajiska

دلائل الإعجاز

Tifaftire

محمود محمد شاكر أبو فهر

Daabacaha

مطبعة المدني بالقاهرة

Lambarka Daabacaadda

الثالثة ١٤١٣هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

دار المدني بجدة

ثم جَعلنا بمجموعِهِما شرْطًا١، ومثالُ ذلك قولُه تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢]، الشرطُ كما لا يخفَى في مجموعِ الجملتين لا في كلِّ واحدةٍ منهما على الانفراد، ولا في واحدةٍ دونَ الأخرى، لأنَّا إنْ قلنا إنه في كل واحدة منهما على الانفرادِ، جعلناهُما شَرْطين، وإذا جعلناهُما شرطينِ اقتضَتا جَزَاءَيْن، وليس منه إشراكُ ما ليس بشرطٍ في الجزم بالشرط، وذلك ما لا يخفى فسَادُه.
ثم إنا نعلم من طريق المعنى أن الجزء الذي هو احتمالُ البهتانِ والإِثمِ المبينِ، أمرٌ يتعلَّقُ إيجابُه لمجموعِ ما حصلَ منَ الجملتين، فليس هو لاكتساب الخطيئةِ على الانفرادِ، ولا لرمي البرئ بالخَطيئةِ أو الإِثم على الإِطلاق، بل لِرمْي الإنسان البرئ بخطيئةٍ أو إثمٍ كانَ مِنَ الرامي، وكذلك الحكْمُ أبدًا. فقولُه تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠] لم يُعلَّقِ الحكْمُ فيه بالهجرةِ على الانفراد، بل بها مَقْرونًا إليها أنْ يُدرِكَهُ الموتُ عليها.
٢٨٣ - واعلمْ أنَّ سبيلَ الجُملتين في هذا، وجعْلَهما بمجموعهما بمنزلةِ الجملةِ الواحدةِ، سبيلُ الجزءينِ تُعْقَدُ منهما الجملةُ، ثم يُجْعَلُ المجموعَ خبرًا أو صفةً أو حالًا، كقولك: "زيد قام غلامه" و"يزيد أبوه كريم" و"مررت برجل أبوه كريم" و"جاءني زيدٌ يَعدو به فرسُه". فكما يكونُ الخبرُ والصفةُ والحالُ لا محالةَ في مجموعِ الجزْءَيْنِ لا في أحَدهما، كذلك يكونُ الشرْطُ في

١ في المطبوعة وحدها: "ثم جعلنا مجموعهما ... "، وهو خطأ.
٢ في المطبوعة: "وإن قلنا إن في واحدة".

1 / 246