202

Daliilka Icajiska

دلائل الإعجاز

Baare

محمود محمد شاكر أبو فهر

Daabacaha

مطبعة المدني بالقاهرة

Lambarka Daabacaadda

الثالثة ١٤١٣هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

دار المدني بجدة

٢١١ - وههنا شيءٌ يجبُ النظرُ فيه، وهو أنَّ قولك: "أنتَ الحبيبُ"، كقولِنا "أنتَ الشجاعُ"، تُريد أنه الذي كملت فيه الشجاعة أم كقولنا١: "زيدٌ المنطلقُ"، تريد أنه الذي كان منهُ الانطلاقُ الذي سمِعَ المخاطَبُ به؟ وإذا نظرْنا وجدناه لا يَحْتمِل أن يكونَ كقولنا: "أنتَ الشجاعُ"، لأنه يقتضي أن يكونَ المعنى أنَّه لا مَحبَّة في الدنيا إلا ما هو بهِ حبيبٌ، كما أنَّ المعنى في "هوَ الشجاعُ" أنه لا شجاعَة في الدنيا إلاَّ ما تَجِدُه عندَه وما هو شجاعٌ به. وذلك مُحال.
٢١٢ - وأمرٌ آخرُ وهو أنَّ الحبيب "فعيل" فمعنى" "مفعول"، فالمحبة إذن ليست هل له بالحقيقة، وإِنما هي صفةٌ لغيرِه قد لابَسَتْه وتعلَّقَتْ به تعلُّقَ الفعلِ بالمفعول. والصفةُ إذا وُصِفَتْ بكمالٍ وُصِفتْ به على أَنْ يَرجِعَ ذلك الكمالُ إلى مَنْ هي صفةٌ له، دونَ مَن تُلابِسُه ملابسةَ المفعول. وإذا كان كذلك، يعد أن تَقولَ: "أنتَ المحبوبُ"، على معنى أنتَ الكاملُ في كونك مَحبوبًا، كما أنَّ بعيدًا أن يقالَ: "هو المضروبُ"، على معنى أَنه الكاملُ في كونِه مضروبًا.
وإنْ جاء شيءٌ من ذلك جاء على تعسُّفٍ فيهِ وتأويلٍ لا يُتصوَّر ههنا، وذلك أنْ يقالَ مثلًا: "زيدٌ هو المظلومُ"، على معنى أنه لم يُصِبْ أحدًا ظلمٌ يَبلغُ في الشِّدَةِ والشَّناعة الظلمَ الذي لَحِقَه، فصار كلُّ ظلمٍ سِواهُ عَدْلًا في جَنْبهِ ولا يجيءُ هذا التأويلُ في قولنا: "أنتَ الحبيبُ"، لأنَّا نَعْلم أَّنهم لا يريدون بهذا الكلام أن يقولوا: إنَّ أحدًا لم يُحبَّ أحدًا مجتبى لك، وأن ذلك قد أبطل

١ في المطبوعة: "أو كقولنا".

1 / 191