110

Daliilka Icajiska

دلائل الإعجاز

Baare

محمود محمد شاكر أبو فهر

Daabacaha

مطبعة المدني بالقاهرة

Lambarka Daabacaadda

الثالثة ١٤١٣هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

دار المدني بجدة

فترى أنَّ هذه الطُلاَوةَ وهذا الظَّرْفَ، إِنَّما هو لأنْ جعلَ النظرَ "يجمحُ" وليس هو لذلك، بل لأَنْ قالَ في أول البيت "وإنِّي" حتى دخلَ اللامُ في قولِه "لتجمحُ" ثم قولُه: "مني" ثم لأنْ قالَ "نظرةٌ" ولم يقل "النَّظرُ" مثلًا ثم لمكانِ "ثمَّ" في قولِه: "ثم أُطرق" وللطيفةِ أخرى نصرتْ هذه اللطائفَ، وهي اعتراضُهُ بينَ اسم "إنَّ" وخبرها بقوله: "على إشفاق عيني من العدي". ٨٩ - وإِنْ أردتَ أعجبَ من ذلك فيما ذكرتُ لك، فانظرْ إِلى قولِه وقد تقدَّم إِنشادُه قَبْلُ: سالتْ عَلَيْهِ شِعابُ الحيِّ حينَ دَعا ... أَنْصَارَهُ بوجوهٍ كالدنانيرِ١ فإنَّكَ تَرى هذه الاستعارة، على لُطْفها وغَرابتها، إِنَّما تَمَّ لها الحسْنُ وانتهى إِلى حيثُ انتهى، بما تُوخِّيَ في وضْع الكلامِ من التقديمِ والتأخيرِ، وتَجدُها قد مَلُحَتْ ولَطُفتْ بمعاونةِ ذلك ومؤازرتِه لها. وإن شكَكْتَ فاعمدْ إِلى الجارَّيْن والظَّرْف، فأَزِلْ كلآ منها عن مكانِه الذي وضَعَه الشاعرُ فيه، فقلْ: "سالتْ شعابُ الحيَّ بوجوهٍ كالدَّنانير عليه حين دعا أنصارَهُ"، ثم انظرْ كيفَ يكونُ الحالُ، وكيف يَذهبُ الحسْنُ والحلاوةُ؟ وكيف تَعْدَم أرْيَحِيَّتَكَ التي كانت؟ وكيف تَذْهب النشوةُ التي كُنتَ تجدُها؟ ٩٠ - وجُملُة الأمر أن ههنا كلامًا حُسْنُه لِلَّفظ دونَ النظمِ، وآخرَ حُسْنُه للنَّظمِ دونَ اللفظِ، وثالثًا قد أتاهُ الحسنُ من الجهتين٢، ووجبت له

١ مضى في رقم: ٦٨، والذي هنا يوهم أن الشعر لابن المعتز. ٢ في المطبوعة "قرى الحسن" جمعه، والذي أثبته هو من "س"، ونسخة عند رشيد رضا، وفي "ج": "قد الحسن" أسقط "أتاه".

1 / 99