Dala'il al-I'jaz
دلائل الإعجاز ت الأيوبي
Tifaftire
ياسين الأيوبي
Daabacaha
المكتبة العصرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Goobta Daabacaadda
الدار النموذجية
Noocyada
نكتة تقديم "مثل" و"غير" مسند إليهما
ومما يُرى تقديمُ الاسم فيه كاللازم (مثْل) و(غيْر) في نَحْوِ قَولِهِ [من السريع]:
مِثْلُكَ يَثْني الْمُزْنَ عن صَوْبِه ... ويَسْتَرِدُّ الدَّمعَ عَنْ غَرْبِهِ
وقول الناس: (مِثْلُكَ رَعى الحقَّ والحُرْمَةَ. وكقول الذي قال له الحَجَّاجُ: (لأَحْمِلَنَّكَ على الأَدْهمِ). يريد القَيْد، فقال على سبيل المغالَطةِ: (ومِثْلُ الأميرِ يَحْمِلُ على الأَدهم والأشْهب)، وما أشبه ذلك، مما لا يُقْصَدُ فيه بـ "مثْل" إلى إنسانٍ سِوَى الذي أُضيفَ إليه، ولكنهم يَعْنون أَنَّ كلَّ مَنْ كان مِثْلَه في الحال والصفةِ، كان مِن مُقْتَضى القياس ومُوجِب العُرْفِ والعادة؛ أنْ يَفْعلَ ما ذكر أوْ أن لا يفعلَ. ومن أجْل أَنَّ المعنى كذلك، قال [من السريع]:
ولم أَقُلْ "مثْلُكَ" أَعني به ... سِوَاك يا فردًا بلا مُشْبِهِ
وكذلك حكم (غَيْر) إذا سُلِكَ به هذا المسْلَكَ فقيل: (غَيْري يفعل ذاك)، على معنى أني لا أفعلُه، لا أن يومئَ "بغير" إلى إنسانٍ فيُخبر عنه بأن يفعل، كما قال [من البسيط]:
غيري بأَكْثَرِ هذا الناسِ يَنْخَدِعُ
وذاك أنه معلومٌ أنه لم يُرد أن يُعرِّضَ بواحدٍ كان هناك، فيستنقصُه ويصفه بأنه مَضعوفٌ يُغَرُّ ويُخْدَع، بل لم يُردْ إلاَّ أن يقول: إني لَستُ ممن يَنْخَدِعُ وَيَغْتَرُّ.
وكذلك لم يُرِد أبو تمام بقوله [من الوافر]:
وغيري يَأكُلُ المعروف سُحْتًا ... وتَشْحُبُ عنده بِيضُ الأَيادي
أَنْ يُعَرِّضَ مثلًا، بشاعرٍ سِواه، فَيزعُم أنَّ الذي قرِفَ به عند الممدوح، من أنه هجاه، كان من ذلك الشاعر لا منه، هذا محال؛ بل ليس إلاَّ أَنه نَفى عن نفسه أن يكونَ ممن يَكْفُر النعمةَ ويَلْؤمُ.
1 / 158