Daaf Shubh
دفع شبه من شبه وتمرد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Goobta Daabacaadda
مصر
وقد ذكر المسألة الأئمة الأعلام فأذكر بعض كلامهم فيها ثم أعود إلى تيميه مستدلا بأمور سمعية وغيرها تفيد جلالته وعظامته وحياته في قبره صلى الله عليه وسلم وبقاء حرمته على ما كان عليه في حياته ويقطع الواقف عليها أو على بعضها بأن القائلين بالتفرقة من متغالي أهل الزيغ والزندقة وأن إبن تيمية الذي كان يوصف بأنه بحر في العلم لا يستغرب فيه ما قاله بعض الأئمة عنه من أنه زنديق مطلق وسبب قوله ذلك أنه تتبع كلامه فلم يقف له على اعتقاد حتى أنه في مواضع عديدة يكفر فرقة ويضللها وفي آخر يعتقد ما قالته أو بعضه مع أن كتبه مشحونة بالتشبيه والتجسيم والإشارة إلى الإزدراء بالنبي صلى الله عليه وسلم والشيخين وتكفير عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأنه من الملحدين وجعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من المجرمين وأنه ضال مبتدع ذكر ذلك في كتاب له سماه الصراط المستقيم والرد على أهل الجحيم وقد وقفت في كلامه على المواضع الذي كفر فيها الأئمة الأربعة وكان بعض أتباعه يقول أنه أخرج زيف الأئمة الأربعة يريد بذلك إضلال هذه الأمة لأنها تابعة لهذه الأئمة في جميع الإقطار والأمصار وليس وراء ذلك زندقة ولنرجع إلى قول بعض الأئمة فمنهم الإمام العلامة شيخ شيوخ وقته أبو الحسن علي القونوي قال بعد ذكره أشياء لا أطول بذكرها وفيها دلالة على أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحاجات بعد وفاته كالتوسل به في حال حياته ثم قال وهذا وأمثاله يرد على هؤلاء المبتدعة الذين نبغوا في زماننا ومنعوا التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جمع بعضهم كلاما يتضمن نفي عمله صلى الله عليه وسلم بعد الوفاة ونقل طائفة منهم التفرقة بين حياته وحال وفاته فقال والتفريق بين الحياة والوفاة كان ثابتا عند الصحابة فلهذا إستسقى أمير المؤمنين عمر بالعباس ولولا هذا التفريق الواضح عندهم لما عدل عمر مع جلالته وكونه خليفة راشدا وكان يشاور أيضا عن قبر رسول الله إلى غيره ثم قال هذا لفظ المبتدع الجاهل التي قامت البينة عليه بأشياء من هذا القبيل وعزر على ذلك التعزير البالغ بالضرب المبرح والحبس وغير ذلك في شهور سنة خمس وعشرين وسبعماية بالقاهرة وهذا الكلام من التفرقة بين الحالتين ولإستناد فيه إلى إستسقاء عمر بالعباس ليس له وإنما هو لشيخه فإنه لما أظهر القول بنفي التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم أورد عليه حديث الإستسقاء ففزع إلى التفرقة المذكورة ولا متشبث في الحديث المذكور فإن عمر رضي الله عنه إنما قصد أن يقدم العباس ويباشر الدعاء بنفسه وهذا لا يتصور حصوله من غير الحي أي الحياة الدنيوية واما التوسب برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نسلم أن عمر رضي الله عنه تركه بعد موته وتقديم العباس ليدعو للناس لا ينفي جواز التوسل به مع ذلك ثم قال وهذه القول الشنيع والرأي السخيف الذي أخذ به هؤلاء المبتدعة من إلتحاقه صلى الله عليه وسلم بالعدم حاشاه من ذلك يلزمه أن يقال أنه ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم وهو قول بعض الضلال قال أبو محمد بن حزم في كتابه الملل والنحل حدثت فرقة مبتدعة تزعم أن محمد بن عبد الله إبن عبد المطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم ليس هو اليوم رسول الله لكن كان رسولا ثم قال وهذه مقالة خبيثة مخالفة لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولما عليه أهل الإسلام منذ كان أهل الإسلام إلى يوم القيامة قال وإنما حملهم على هذا الرأي الخبيث قولهم الآخر الخبيث أن الروح عرض والعرض يفني أبدا ويحدث ولا يبقى وقتين قال فروح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء بطل ولا روح له الآن عند الله واما جسده ففي قبره تراب فبطلت نبوته ورسالته بموته عندهم فنعوذ بالله من هذا القول فإنه كفر صراح لا تردد فيه ويكفي في بطلان هذا القول الفاحش الفظيع أنه مخالف لما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم وإتفق عليه أهل الإسلام من الأذان في الجوامع والصوامع وأبواب المساجد جهارا في شرق الأراضي وغربها كل يوم خمس مرات بأعلى أصواتهم قد قرنه الله تعالى بذكره أشهد أن لا إلا إلا الله أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله كان يجب أن يقال على قولهم أشهد أن محمدا كان رسول الله وكذلك كان يجب أن يقال في ثاني الشهادتين في الإسلام وقد قال تعالى
﴿ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك﴾
وقال تعالى
﴿يوم يجمع الله الرسل﴾
وقال تعالى
﴿وجيء بالنبيين والشهداء﴾
فسماهم الله عزوجل بعد موتهم رسلا ونبيين والأصل الحقيقة وكذلك أجمع المسلمون وجاء به النص أن كل مصل فرضا أو نفلا يقول في تشهده السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولو كان بعد موته في حكم العدم لما صحت هذه المخاطبة هذا معنى كلام إبن حزم ثم قال أن إبن حزم أورد على نفسه إيرادات واجاب عنها قلت وقد حذفتها انا لأجل الإطالة ولا تسع عقول العوام وكثير ممن أشير إليه بالعلم أن يدركها ويدرك الجواب ثم قال وإنما أطلت النفس في هذه المسألة وإن كانت في غاية الوضوح لقرب العهد بهذيان من أظهر الخلاف فيها وأفسد به عقائد خلق كثير من العوام فلذلك إستطرقت في هذا المقام بما يتعلق بهذه المسألة هذا المقدار اليسير من الكلام وللمقال فيها مجال واسع لكن إشباع القول في ذلك خارج عما نحن بصدده في هذا الكتاب والله تعالى أعلم وهذا الكتاب الذي أشار إليه ومنه نقلت يقال له شرح التعرف لمذهب أهل التصوف وأعلم أرشدنا الله وإياك أيها الموفق المنزه المعظم لسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ولذريته الذين بهم تم الدين ولسائر الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين إن في هذا الذي ذكره الأئمة كفاية لمن له أدنى فهم ودراية إلا أني وعدت بذكر شيء وخلف الوعد صعب شديد فأنا اذكر نبذة يسيرة وأرجو من الله عزوجل حصول البركة فيها وقد ذكرت في كتاب تنبيه السالك على مظان المهالك جملة كثره تتعلق بذلك وبغيره وسقت فيها فتواه المطولة والجواب عما قاله ذكرته في فضل الحج والله أعلم ومن الأمور المهمة معرفة الإنسان حاله في التوفيق والخذلان فمن الخذلان عدم إيمان الإنسان بالآيات والنذر كما قال تعالى
﴿وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون﴾
قيل المعنى لا تصل العقول الخالية عن التوفيق إلى سبيل النجاة وما يغني ضياء العقل مع الخذلان إنما ينفع نور العقل مؤيدا بنور التوفيق وعناية الأزل وإلا فإنه متخبط بإدراكه بعقله فإذا وعيت ما قلته ووقفت على بعض ما أذكره من الأدلة ولم تجد قلبك مؤمنا بها فاعلم انك من أهل الخذلان ومرقوم في حزب الشيطان وتابع لأهل البدع عصاة الرحمن قال كعب الأحبار تجد الرجل يستكثر من أنواع البر ويحتاط في صائع المعروف ويكابد سهر الليل وشدة ظمأ الهواجر وهو مع ذلك لا يساوي عند الله جيفة حمار يشير إلى أهل البدع والتبري منهم بحيث لا يمكن سمعه من ذي هوى لما صالح عمر رضي الله عنه أهل بيت المقدس وقدم عليه كعب الأحبار وأسلم وفرح به عمر رضي الله عنه وبإسلامه قال له عمر رضي الله عنه هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتنتفع بزيارته قال نعم يا أمير المؤمنين أفعل ذلك فهذا صريح في الندب إلى زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وشد الرحل وأعمال المطي إليه والكلام على هذا يأتي إن شاء الله تعالى
بيان زندقة من قال أن روحه صلى الله عليه وسلم فنيت وإن جسده صار ترابا وبيان زيغ إبن تيمية وحزبه في جواب الفتوى التي زعم أنه سئل عنها
Bogga 67