47

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Daabacaha

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Goobta Daabacaadda

توزيع

Noocyada

وَالْمُرَادُ بِهِ مَكَانُ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ، وَهُوَ الْعِلَّةُ فَالْمَنَاطُ وَالْعِلَّةُ مُتَرَادِفَانِ اصْطِلَاحًا إِلَّا أَنَّهُ غَلَبَ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الْمَنَاطِ فِي الْمَسْلَكِ الْخَامِسِ مِنْ مَسَالِكَ الْعِلَّةِ، الَّذِي هُوَ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِحَالَةُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْلَكِ التَّاسِعِ الَّذِي هُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ، فَتَخْرِيجُ الْمَنَاطِ هُوَ اسْتِخْرَاجُ الْعِلَّةِ بِمَسْلَكِ الْمُنَاسَبَةِ وَالْإِحَالَةِ، وَتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ هُوَ تَصْفِيَةُ الْعِلَّةِ وَتَهْذِيبُهَا حَتَّى لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ صَالِحٌ لَهَا وَلَا يَدْخُلَ شَيْءٌ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَلِّهِ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ وَهُوَ الْغَرَضُ هُنَا فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَنَاطُ الْحُكْمِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ. إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا يَقُولُ هُوَ مَوْجُودٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ. وَالثَّانِي: يَقُولُ: لَا وَمِثَالُهُ الِاخْتِلَافُ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُوَافِقُ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ السَّرِقَةَ هِيَ مُنَاطُ الْقَطْعِ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَنَاطُ فِي النَّبَّاشِ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَارِقٍ، بَلْ هُوَ آخِذُ مَالٍ عَارِضٍ لِلضَّيَاعِ كَالْمُلْتَقَطِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، فَإِذَا حَقَّقْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الْقَائِلِينَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، أَنَّ أَفْعَالَهُ دَالَّةٌ عَلَى خُبْثِ نِيَّتِهِ وَفَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ تَائِبًا فِي الْبَاطِلِ تَوْبَةً نَصُوحًا فَهُمْ مُوَافِقُونَ عَلَى التَّوْبَةِ النَّصُوحِ مَنَاطِ الْقَبُولَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ يَقُولُونَ أَفْعَالُ هَذَا الْخَبِيثِ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ. وَمِنْ هُنَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ أَعْنِي الْمُسْتَسِرَّ بِالْكُفْرِ، فَمِنْ قَائِلٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَمِنْ قَائِلٍ تُقْبَلُ وَمِنْ مُفَرِّقٍ بَيْنَ إِتْيَانِهِ تَائِبًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الِاطِّلَاعِ عَلَى نِفَاقِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي فُرُوعِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ يَرَوْنَ أَنَّ نِفَاقَهُ الْبَاطِلَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ تَقِيَّةٌ لَا حَقِيقَةٌ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا [٢ ١٦٠] . فَقَالُوا: الْإِصْلَاحُ شَرْطٌ وَالزِّنْدِيقُ لَا يُطَّلَعُ عَلَى إِصْلَاحِهِ، لِأَنَّ الْفَسَادَ إِنَّمَا أَتَى مِمَّا أَسَرَّهُ فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَ الْإِقْلَاعَ لَمْ يَزَلْ فِي الْبَاطِنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَدِلَّةَ الْقَائِلِينَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ مُطْلَقًا أَظْهَرُ وَأَقْوَى، كَقَوْلِهِ ﷺ لِأُسَامَةَ ﵁: هَلَّا شَقَقْتَ

1 / 49