Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Daabacaha
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Goobta Daabacaadda
توزيع
Noocyada
أَوْ لَازِمًا عَلَى التَّحْقِيقِ، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ الْقَائِلِ بِعُمُومِهِ فِي الْمُتَعَدِّي دُونَ اللَّازِمِ، وَخِلَافُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي حَالٍ لَا فِي حَقِيقَةٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الْفِعْلَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَيْسَ صِيغَةً لِلْعُمُومِ، وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ، أَيْ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ وَنَفْيُهَا يَلْزَمُهُ نَفْيُ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ.
فَقَوْلُهُ: لَا أَكَلْتُ مَثَلًا يَنْفِي حَقِيقَةَ أَكْلٍ فَيَلْزَمُهُ نَفْيُ جَمِيعِ أَفْرَادِهِ، وَإِيضَاحُ عُمُومِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَنَّ الْفِعْلَ يَنْحَلُّ عَنْ مَصْدَرٍ وَزَمَنٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَعَنْ مَصْدَرٍ وَزَمَنٍ وَنِسْبَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْبَلَاغِيِّينَ، فَالْمَصْدَرُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَاهُ إِجْمَاعًا، فَالنَّفْيُ دَاخِلٌ عَلَى الْفِعْلِ يَنْفِي الْمَصْدَرَ الْكَامِنَ فِي الْفِعْلِ فَيَؤُولُ إِلَى مَعْنَى النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ.
وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ﵀ يُوَافِقُ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إِنْ أُكِّدَ بِمَصْدَرٍ نَحْوَ لَا شَرِبْتُ شُرْبًا مَثَلًا أَفَادَ الْعُمُومَ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى إِفَادَةِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ.
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ الْكُفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [٢٣ \ ١٠٧ - ١٠٨] .
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْحَقُّ، أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي نَفَى اللَّهُ أَنَّهُ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي فِيهِ خَيْرٌ، وَأَمَّا التَّوْبِيخُ وَالتَّقْرِيعُ وَالْإِهَانَةُ، فَكَلَامُ اللَّهِ لَهُمْ بِهِ مِنْ جِنْسِ عَذَابِهِ لَهُمْ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِالنَّفْيِ فِي قَوْلِهِ: «وَلَا يُكَلِّمُهُمُ» .
الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ أَصْلًا وَإِنَّمَا تُكَلِّمُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِإِذْنِهِ وَأَمْرِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ أَمْرٌ حَتْمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ» لِأَنَّ مَعْنَاهُ فُرِضَ وَحُتِمَ عَلَيْكُمْ، مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ، لِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ بِالْخِيَارِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ الْآيَةَ [٢ \ ١٧٨] .
1 / 28