Daci Sama
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
Noocyada
إسلام بلال
كل إيمان فهو شيء يتجاوز الفرد الواحد ولا ينحصر في مصلحته العاجلة أو الآجلة.
فليس بإيمان ذلك الذي يخص فردا واحدا ولا يتجاوزه إلى غيره في زمنه أو بعد زمنه، وليس بإيمان ذلك الذي يدور على المصلحة الفردية وإن تعدد فيه الأفراد؛ لأن الإنسان قد يضحي بالمصلحة في سبيل الإيمان، ولا يفعل ذلك وهو يحسب حساب المصالح ولا يتجاوزها.
وقد يضحي الإنسان أحيانا بالإيمان في سبيل المصلحة العاجلة أو الآجلة، ولكن ذلك لا ينفي أن الإيمان شيء أكبر من المصلحة عاجلها وآجلها، وإنما يدل في هذه الحالة على أن ذلك الإنسان يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأنه ضعيف اليقين ضعيف الاستعداد للإيمان.
فالإيمان لا يقوم على أساس المصلحة العاجلة أو الآجلة.
ويكفي أن يضحي الناس بمصالحهم في سبيل إيمانهم - ولو في بعض الأحيان - لتقرير هذه الحقيقة من وراء الجدل والخلاف.
لأننا نفهم أن ينسى الرجل إيمانه في سبيل مصلحته فنقول: إن المصلحة عزيزة عليه وإن الإيمان ضعيف في نفسه.
ولكننا لا نفهم أن ينسى الرجل مصلحته في سبيل إيمانه إلا على وجه واحد، وهو أن الإيمان والمصلحة معدنان مختلفان، وأن المصلحة عزت أو هانت هي شيء غير الإيمان.
ولا يقال إن مصلحة الآخرة تدخل في حساب الرجل فينسى من أجلها مصالحه الدنيوية. فإن تصديقه بمصلحة الآخرة هو نفسه إيمان بالغيب، وهو سابق لحصول المصلحة على كل حال.
ومع هذا وجد في زماننا هذا أناس - كأتباع كارل ماركس - يؤمنون بالمادة وينكرون كل شيء غير هذه الدنيا المحسوسة، ويقولون إن الأديان والمذاهب والآداب وكل ما يحيك بضمير الإنسان إن هي إلا صورة من حياته المادية التي لا بعث بعدها ولا محل للروح فيها، ومنهم مع ذلك من يدخل السجن ويتعرض للنفي ويجازف بالحياة ويفقدها في سبيل إيمانه بمعتقده وإنكاره لمعتقد الآخرين ... وليس بالمعقول أن يفقد الإنسان الحياة لأنه يطمح إلى الطعام الهنيء والعيش الرغيد، وليس بالمعقول من باب أولى أن يفقد الحياة ليأتي بعده من ينعم بالطعام الهنيء والعيش الرغيد وهو تحت التراب. فإذا هو أقدم على فقد الحياة فالمسألة عنده ليست مسألة حساب وموازنة أو مسألة مصلحة كبيرة بإزاء مصلحة صغيرة، ولكنه إنما يفعل ذلك لأنه بإزاء قوة تمضي به حيث شاءت ولا يمضي بها حيث شاء، أو لأنه في حالة نفسية غير حالة الحساب والموازنة ووضع الأرقام بإزاء الأرقام .
Bog aan la aqoon