Dacaya Ila Sabil Muminin
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
Noocyada
إعلم أن النفس العاقلة إذا عرفت شرف نفسها وأحست بمرتبتها من الله عز وجل أحسنت خلافته في تربية قواها الثلاث : العاقلة والسبعية والبهيمية وسياستها ونهضت بالقوة التي أعطاها الله تعالى إلى محلها من كرامة الله تعالى ومنزلتها من العلو والشرف ولم تخضع للسبعية ولا للبهيمية ، بل تقوم النفس الغضبية ( وهي السبعية ) وتقودها إلى الأدب بحملها على حسن الطاعة ، ثم تستنهضها في أوقات هيجان هذه النفس البهيمية وحركتها إلى الشهوات حتى تقمع بهذه سلطان تلك وتستخدمها في تأديبها وتستعين بقوة هذه على إباء تلك .
قال بعض علماء النفس : إن الغضبية قابلة للأدب قوية على قمع الأخرى ، والبهيمية عادمة للأدب غير قابلة له ( على هذا الرأي )
وأما النفس العاقلة فقد شبهها كبار الحكماء والفلاسفة كابن مسكويه(1) بالذهب في اللين والانعطاف ، فمتى آثرت الفعل الجميل وجاذبيتك البهيمية إلى خلافة فاستعن بالقوة الغضبية التي تثيرها الأنفة وعزة النفس واقهر بها البهيمية ، وإن غلبتك ثم ندمت وأنفت في منهج الصلاح فتمم عزيمتك واحذر معاودتها إليك بالطمع والغلبة ، وإلا كنت كما قال الحكيم الأول : إني أرى أكثرالناس يدعون محبة الأفعال الجميلة ثم لا يحتملون المؤنة فيها على علمهم بفضلها فيغلبهم الترفه ومحبة البطالة ، فلا يكون بينهم وبين من لايحب الأفعال الجميلة فرق إذا لم يتحملوا مؤنة الصبر ويصبروا إلى إدراك ما عرفوا فضله ، فمثله كمثل الضرير والبصير الواقعين في بئر فهما في الهلكة سواء وإن كان الأول أعذر .
Bogga 121